للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا مَضَى، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: فإِنْ جَاءَ أَمْرٌ غَالِبٌ يَحْجِزُ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ مَنْفَعَةِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَعَلَيْهِ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مُدَّةِ انْتِفَاعِهِ. وَمَنِ اسْتُؤْجِرَ لِعَمَلِ شَيْءٍ فَمَرِضَ أُقِيمَ مَقَامَهُ مَنْ يَعْمَلُهُ وَالْأُجْرَةُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فِي عَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ تَأْخِيرًا لِحَقِّهِ، وَلِأَنَّ تَعَذُّرَ الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ عَيْبٌ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَمِلْكُ الْخِيَرَةِ بِهِ كَالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ، وَحِينَئِذٍ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِالْمُسَمَّى فِيمَا بَقِيَ مِنَ الْمُدَّةِ، وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَى الْعَقْدِ وَمُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَلَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِ الْغَصْبِ ; لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ لَمْ يَفُتْ مُطْلَقًا بَلْ فَاتَ إِلَى بَدَلٍ وَهُوَ الْقِيمَةُ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَ الثَّمَرَةَ الْمَبِيعَةَ آدَمِيٌّ قَبْلَ قَطْعِهَا، وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ الِانْفِسَاخَ إِنْ قِيلَ بِعَدَمِ ضَمَانِ مَنَافِعِ الْغَصْبِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " تَنْفَسِخُ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَالْأُجْرَةُ لِلْمُؤَجِّرِ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ عَلَى مِلْكِهِ، فَلَوْ غَصَبَهَا مَالِكُهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ مُطْلَقًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَلَى كَغَصْبٍ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا مَضَى) وَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ، فَإِنْ رُدَّتْ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ فَسْخٌ اسْتَوْفَى مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَيَكُونُ فِيمَا مَضَى مُخَيَّرًا، فَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنٍ مَوْصُوفَةٍ فِي الذِّمَّةِ لَزِمَهُ بَدَلُهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ الْفَسْخُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ لِعَمَلٍ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّبْرِ وَالْفَسْخِ إِلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهَا (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: وَإِنْ جَاءَ أَمْرٌ غَالِبٌ يَحْجِزُ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ مَنْفَعَةِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَعَلَيْهِ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مُدَّةِ انْتِفَاعِهِ) هَذَا تَأْكِيدٌ لِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ فِيمَا مَضَى، وَقَوْلُهُ شَامِلٌ لِغَصْبِ الْعَيْنِ وَتَلَفِهَا وَحُدُوثِ مَا يَمْنَعُ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا كَانْهِدَامِ دَارٍ، وَغَرَقِ الْأَرْضِ، وَحُدُوثِ خَوْفٍ عَامٍّ ; لِأَنَّهُ أَمْرٌ غَالِبٌ، فَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ كَغَصْبِ الْعَيْنِ، فَلَوْ كَانَ خَاصًّا بِالْمُسْتَأْجِرِ لِقُرْبِ أَعْدَائِهِ، أَوْ حُلُولِهِمْ فِي طَرِيقِهِ لَمْ يَمْلِكِ الْفَسْخَ كَمَرَضِهِ وَحَبْسِهِ.

(وَمَنِ اسْتُؤْجِرَ لِعَمَلِ شَيْءٍ) فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِ مُبَاشَرَتُهُ (فَمَرِضَ أُقِيمَ مَقَامَهُ مَنْ يَعْمَلُهُ) لِيَخْرُجَ مِنَ الْحَقِّ الْوَاجِبِ فِي ذِمَّتِهِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ (وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَرِيضِ ; لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إِنْظَارُهُ ; لِأَنَّ الْعَقْدَ بِإِطْلَاقِهِ يَقْتَضِي التَّعْجِيلَ مَا لَمْ يَخْتَلِفِ الْقَصْدُ فِيهِ كَالْنسْخِ، فَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِهِ فِي مُدَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَأَنْ تَخِيطَ لِي أَنْتَ هَذَا الثَّوْبَ، لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ كَالْبَيْعِ بَلْ يُخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَالُ (فَإِنْ وَجَدَ الْعَيْنَ مَعِيبَةً، أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ) وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>