يَكُونَ الزَّرْعُ لِلْغَاصِبِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ غَرَسَهَا أَوْ بَنَى فِيهَا أُخِذَ بِقَلْعِ غَرْسِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: لَا، نَقَلَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَالثَّانِي: هِيَ نَفَقَتُهُ، فَعَلَى هَذَا يُرَدُّ عَلَى الْغَاصِبِ مَا أَنْفَقَ مِنَ الْبَذْرِ، وَمُؤْنَةِ لَوَاحِقِهِ مِنَ الْحَرْثِ، وَالسَّقْيِ، وَنَحْوِهِمَا، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: أَصْلُهُمَا هَلْ يُضْمَنُ وَلَدُ الْمَغْرُورِ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: فِيهِ ثَالِثَةٌ خَرَّجَهَا أَبُو الْقَاسِمِ أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يُخَيَّرُ إِنْ شَاءَ دَفَعَ الْقِيمَةَ، وَإِنْ شَاءَ النَّفَقَةَ، نَقَلَ مُهَنَّا: وَيُزَكِّيهِ إِنْ أَخَذَهُ قَبْلَ وُجُوبِهَا، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ لِلْغَاصِبِ) لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ (وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ) أَيْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَقِيلَ: لَهُ قَلْعُهُ إِنْ ضَمِنَهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ زَرَعَ بِلَا إِذْنِ شَرِيكِهِ، وَالْعَادَةُ بِأَنَّ مِنْ زَرَعَ فِيهَا لَهُ نَصِيبٌ مَعْلُومٌ وَلِرَبِّهَا نَصِيبٌ، قُسِّمَ مَا زَرَعَهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ كَذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: وَهَلِ الرُّطَبَةُ وَغَيْرُهَا كَزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ، فَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَغَرَسَهَا فَأَثْمَرَتْ، فَسَيَأْتِي (وَإِنْ غَرَسَهَا أَوْ بَنَى فِيهَا أَخَذَ بِقَلْعِ غَرْسِهِ وَبِنَائِهِ) أَيْ: إِذَا طَالَبَ مَالِكَ الْأَرْضِ لَزِمَ الْغَاصِبَ ذَلِكَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِلْأَثَرِ الْحَسَنِ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَفِي " الرِّعَايَةِ " أَنَّهُ الْأَصَحُّ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَرَسَ أَحَدُهُمَا نَخْلًا فِي أَرْضِ الْآخَرِ، فَقَضَى لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِأَرْضِهِ، وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا، فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَتُضْرَبُ أُصُولُهَا بِالْفُئُوسِ، وَإِنَّهَا لَنَخْلٌ عَمٌّ» ، قَالَ أَحْمَدُ الْعُمُّ: الطِّوَالُ، وَلِأَنَّهُ شَغَلَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِمِلْكِهِ الَّذِي لَا حُرْمَةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ، فَلَزِمَهُ تَفْرِيغُهُ كَمَا لَوْ جَعَلَ فِيهَا قُمَاشًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الشَّرِيكِ وَغَيْرِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْحَارِثِيُّ، قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ غَرَسَ نَخْلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ مَشَاعًا، قَالَ: إِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute