للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقْبَلْ، وَإِنْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ قَالَ: مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ، قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُودَعُ فَادَّعَى وَارِثُهُ الرَّدَّ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ قَبْلَ إِمْكَانِ رَدِّهَا لَمْ يَضْمَنْهَا، وَبَعْدَهَ يَضْمَنُهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(وَإِنْ مَاتَ الْمُودَعُ) فَهِيَ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي " الْمُغْنِي " أَنَّهُ الْمَذْهَبُ اعْتِمَادًا عَلَى أَصْلِ وُجُوبِ الرَّدِّ مَا لَمْ يُعْلَمْ مَا يُزِيلُهُ. وَالثَّانِيَةُ: لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إِتْلَافِهَا وَالتَّعَذُّرُ فِيهَا، فَيَنْتَفِي الضَّمَانُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا فَرْقَ أَنْ يُوجَدَ جِنْسُ الْوَدِيعَةِ فِي مَالِهِ أَوْ لَا (فَادَّعَى وَارِثُهُ الرَّدَّ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَأْمَنْهُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُودِعِ فَإِنْهُ ائْتَمَنَهُ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَكَذَا لَوِ ادَّعَى الرَّدَّ إِلَى الْوَرَثَةِ، فَإِنِ ادَّعَى الرَّدَّ إِلَى رَبِّهَا، فَأَنْكَرَهُ وَرَثَتُهُ، فَوَجْهَانِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِإِقْرَارٍ مِنَ الْمَيِّتِ أَوْ وَرَثَتِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، فَلَوْ وُجِدَ عَلَيْهَا مَكْتُوبًا: وَدِيعَةٌ، لَمْ يَكُنْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْوِعَاءُ كَانَتْ فِيهِ وَدِيعَةٌ قَبْلَ هَذِهِ، وَكَذَا لَوْ وَجَدَ فِي بَرْنَامَجِ أَبِيهِ: لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَصَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِخَطِّ أَبِيهِ عَلَى كِيسٍ لِفُلَانٍ كَخَطِّهِ بِدَيْنٍ لَهُ، فَيَحْلِفُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ، وَفِي رَدِّهِ عَلْيِهِ وَجْهَانِ، وَإِسْنَادُ الدَّارِ وَالْكَاتِبِ وَدَفْتَرِهِ وَنَحْوِهِمَا، وُكَلَاءُ كَالْأَمِيرِ فِي هَذَا.

غَرِيبَةٌ: لَوْ أَوْدَعَ كِيسًا مَخْتُومًا مِنْ عَشْرِ سِنِينَ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَادَّعَى أَنَّهُ فُضَّ خَتْمُهُ، وَأَنَّهُ خَانَ صُدِّقَ الْمُودِعُ، فَلَوْ فُتِحَ فَوُجِدَ فِيهِ دَرَاهِمُ مِنْ ضَرْبِ خَمْسِ سِنِينَ فَكَذَلِكَ، قَالَهُ الْبَغَوِيُّ فِي " فَتَاوِيهِ ".

فَائِدَةٌ: إِذَا اسْتَعْمَلَ كَاتِبًا خَائِنًا، أَوْ عَاجِزًا أَثِمَ بِمَا أَذْهَبَ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ لِتَفْرِيطِهِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

(وَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ) أَيْ: عِنْدَ الْوَارِثِ (قَبْلَ إِمْكَانِ رَدِّهَا لَمْ يَضْمَنْهَا) لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَلَا تَفْرِيطَ مِنْهُ (وَبَعْدَهُ يَضْمَنُهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) جُزِمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ لِتَأَخُّرِ رَدِّهَا مَعَ إِمْكَانِهِ لِحُصُولِهِ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ إِيدَاعٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَطَارَتِ الرِّيحُ ثَوْبًا إِلَى سَطْحٍ آخَرَ، وَأَمْكَنَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>