ادَّعَى الْوَدِيعَةَ اثْنَانِ فَأَقَرَّ بِهَا لِأَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَيَحْلِفُ الْمُودِعُ أَيْضًا، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لَهُمَا فَهِيَ لَهُمَا وَيَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ صَاحِبَهَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهَا، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
رَدُّهُ فَلَمْ يَفْعَلْ، وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي إِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَيْهَا، لِكَوْنِهَا حَصَلَتْ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، وَفِي ثَالِثٍ إِنْ جَهِلَهَا رَبُّهَا ضَمِنَ، قُطِعَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ (وَإِنِ ادَّعَى الْوَدِيعَةَ اثْنَانِ) أَيِ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الَّذِي أَوْدَعَهَا وَلَا بَيِّنَةَ (فَأَقَرَّ بِهَا لِأَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الْيَدَ كَانَتْ لِلْمُودَعِ وَقَدْ نَقَلَهَا إِلَى الْمُدَّعِي فَصَارَتِ الْيَدُ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْيَدُ لَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ (وَيَحْلِفُ الْمُودِعُ أَيْضًا) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِحَقِّهِ، وَيَكُونُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ أَنْ يَغْرَمَ لَهُ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا لِلْأَوَّلِ، فَإِنْهَا تُسَلَّمُ لِلْأَوَّلِ، وَيُغَرَّمُ قِيمَتُهَا لِلثَّانِي، نَصَّ عَلَيْهِ (وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لَهُمَا فَهِيَ لَهُمَا) أَيْ: بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَتْ بِأَيْدِيهِمَا، وَتَدَاعَيَا مَعًا (وَيُحْلَفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) فِي نِصْفِهَا، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ عِوَضُهَا، يَقْتَسِمَانِهِ أَيْضًا (فَإِنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ صَاحِبَهَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ) يَمِينًا وَاحِدَةً إِذَا أَكْذَبَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا، وَقِيلَ: لَا يَحْلِفُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّهَمًا. قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ (وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا) وُجُوبًا لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْحَقِّ فِيمَا لَيْسَ بِأَيْدِيهِمَا كَالْعِتْقِ وَالسَّفَرِ بِإِحْدَى نِسَائِهِ (فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ) لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ (وَأَخَذَهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ فَائِدَةُ الْقُرْعَةِ، فَإِنْ قَالَ: لَيْسَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا قَالَ: هِيَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ، أَوْ لَا أَعْرِفُهُ عَيْنًا، وَحَكَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ لَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَتُقَرُّ بِيَدِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ صَاحِبُهَا، ذَكَرَهُ فِي " الْوَاضِحِ ".
(وَإِنْ أَوْدَعَهُ اثْنَانِ مَكِيلًا، أَوْ مَوْزُونًا) يَنْقَسِمُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ لَا يَنْقُصُ بِتَفْرِقَتِهِ (فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ سَلَّمَهُ إِلَيْهِ) اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّ قِسْمَتَهُ مُمْكِنَةٌ بِغَيْرِ غَبْنٍ، وَلَا ضَرَرٍ، وَقَيَّدَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " بِمَا إِذَا كَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، أَوْ إِذْنِ حَاكِمٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي الْمِثْلِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute