للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ فِي قُوتِهِ، وَإِنْ هَرَبَ مِنْهُ فِي طَرِيقِهِ، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فِيهِ، لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِيهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي رَدِّهِ، وَاخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِظَاهِرِ الْخِرَقِيِّ، وَرُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مُرْسَلٌ وَفِيهِ مَقَالٌ، وَكَمَا لَوْ رَدَّ جَمَلَهُ الشَّارِدَ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ (وَعَنْهُ: إِنْ رَدَّهُ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ فَلَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا) رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أُعْطِيتُ الْجُعْلَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَفِيضٌ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ، وَعَنْهُ: إِنْ رَدَّهُ مِنَ الْمِصْرِ فَعَشَرَةٌ.

قَالَ الْخَلَّالُ: اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ، وَجُزِمَ بِهِ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ "، وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ دِينَارٌ، أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَفِي " الْخِصَالِ " لِابْنِ الْبَنَّا، وَكِتَابِ " الرِّوَايَتَيْنِ " أَنَّهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مُطْلَقًا، وَبَالَغَ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ عَمَّرَ قَنَاةً دُونَ قَوْمٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي " التَّعْلِيقِ "، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْآبَارَ بِمَنْزِلَةِ الْأَعْيَانِ، فَكَمَا يَرْجِعُ بِالْأَعْيَانِ يَرْجِعُ بِهَا، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ فِيمَا عَمِلَهُ بِأَنْ يُزِيلَهُ، كَمَا يَرْجِعُ فِي الْأَعْيَانِ، لَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِبَدَلِ ذَلِكَ عَلَى مَالِكِ الْعَيْنِ.

(وَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ فِي قُوَّتِهِ) أَيْ: يَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي الْإِنْفَاقِ شَرْعًا، لِحُرْمَةِ النَّفْسِ بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَإِنْهُ مَحَلُّ خِلَافٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ جُعْلًا كَرَدِّهِ مِنْ غَيْرِ بَلَدٍ سَمَّاهُ (وَإِنْ هَرَبَ مِنْهُ فِي طَرِيقِهِ) فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ مَأْذُونًا فِيهَا شَرْعًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَعَتْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ ثُمَّ هَرَبَ، وَقِيلَ: إِنْ نَوَى الرُّجُوعَ، وَفِي جَوَازِ اسْتِخْدَامِهِ بِهَا رِوَايَتَانِ فِي " الْمُوجَزِ "، وَ " التَّبْصِرَةِ "، وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ إِلَّا بِرَدِّهِ لَا بِوِجْدَانِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْوِجْدَانِ، فَعَلَيْهِ هِيَ بَعْدَ الْوِجْدَانِ كَغَيْرِهَا مِنَ اللُّقَطَاتِ لِصَاحِبِهَا أَخْذُهَا، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ مُؤْنَةُ رَدِّهَا، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوِجْدَانِ الْوِجْدَانُ الْمَقْصُودُ، لَا مُجَرَّدَ الْوِجْدَانِ حَتَّى لَوْ ضَاعَتْ بَعْدُ أَوْ تَلِفَتْ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ؛ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مَقْصُودٍ قَطْعًا، فَإِذَنْ يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ.

(وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْجُعْلُ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ عَمَلِهِ؛ فَلَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ كَالْأُجْرَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الْآبِقِ أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ شُمُولُهُ لِلْجُعْلِ وَالنَّفَقَةِ إِذْ لَا مُقْتَضَى لِلتَّخْصِيصِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>