يُنْفِقُ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ
فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ كَافِرًا - وَاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ - أَوْ بَدَوِيًّا يَنْتَقِلُ فِي الْمَوَاضِعِ، أَوْ وَجَدَهُ فِي الْحَضَرِ فَأَرَادَ نَقْلَهُ إِلَى الْبَادِيَةِ، لَمْ يُقَرَّ فِي يَدِهِ، وَإِنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُسْلِمٌ - أَوْ بَدَوِيًّا يَنْتَقِلُ فِي الْمَوَاضِعِ، أَوْ وَجَدَهُ فِي الْحَضَرِ، فَأَرَادَ نَقْلَهُ إِلَى الْبَادِيَةِ لَمْ يُقَرَّ فِي يَدِهِ) وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: أَنَّهُ لَا يُقَرُّ فِي يَدِ الْفَاسِقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حِفْظِهِ إِلَّا الْوِلَايَةُ، وَلَا وِلَايَةَ لِفَاسِقٍ، وَفَارَقَ اللُّقَطَةَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا فِي مَعْنَى التَّكَسُّبِ، وَإِنَّهَا إِذَا انْتُزِعَتْ مِنْهُ فَتُرَدُّ إِلَيْهِ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ تُقَرُّ فِي يَدِهِ فِي الْحَضَرِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِكَوْنِهِ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَيَكُونُ أَحَقَّ، فَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ بِهِ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ يُبْعِدُهُ مِمَّنْ يَعْرِفُ حَالَهُ فَلَا يُؤَمَنُ أَنْ يَدَّعِيَ رِقَّهُ وَيَبِيعَهُ. قَالَ فِي " الْمُغْنِي: " فَعَلَى قَوْلِهِ: يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ، وَيُضَمُّ إِلَيْهِ أَمِينٌ يُشَارِفُهُ لِيُؤْمَنَ التَّفْرِيطُ فِيهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ: يُقَرُّ فِي يَدِهِ مُطْلَقًا كَاللُّقَطَةِ، وَيُجَابُ عَمَّا ذُكِرَ بِأَنَّ اللَّقِيطَ ظَاهِرٌ وَمَكْشُوفٌ لَا تَخْفَى الْخِيَانَةُ فِيهِ بِخِلَافِهَا؛ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَخْذُ بَعْضِهَا وَإِبْدَالُهَا بِخِلَافِ اللَّقِيطِ؛ وَلِأَنَّ الْمَالَ مَحَلُّ الْخِيَانَةِ، وَالنُّفُوسَ إِلَى أَخْذِهَا دَاعِيَةٌ بِخِلَافِ النُّفُوسِ، فَإِنْ كَانَ مَسْتُورَ الْحَالِ فَوَجْهَانِ.
فَرْعٌ: لَا يُقَرُّ فِي يَدِ مُبَذِّرٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا، قَالَهُ فِي " التَّلْخِيصِ "، فَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ بِهِ لَمْ يُمْنَعْ لِلْأَمْنِ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: السَّفِيهُ كَالْفَاسِقِ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا يُقَرُّ فِي يَدِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مَمْلُوكَةٌ لَهُ، فَلَا يُذْهِبُهَا فِي غَيْرِ نَفْعِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَيَصِيرُ كَمَا لَوِ الْتَقَطَهُ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَذِنَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ، لَكِنْ إِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَلْتَقِطُهُ سِوَاهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ كَتَخْلِيصِهِ مِنَ الْغَرَقِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ".
فَائِدَةٌ: الْمُدَبَّرُ، وَالْمُكَاتَبُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ كَالْقِنِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute