للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْتَقَطَهُ فِي الْبَادِيَةِ مُقِيمٌ فِي حُلَّةٍ أَوْ مَنْ يُرِيدُ نَقْلَهُ إِلَى الْحَضَرِ - أُقِرَّ مَعَهُ، وَإِنِ الْتَقَطَهُ فِي الْحَضَرِ مَنْ يُرِيدُ نَقْلَهُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، فَهَلْ يُقَرُّ فِي يَدِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنِ الْتَقَطَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ لَا يُقَرُّ فِي يَدِ كَافِرٍ إِذَا كَانَ اللَّقِيطُ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْكُفْرَ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرَبِّيهِ عَلَى دِينِهِ، نَعَمْ حَيْثُ حُكِمَ بِكُفْرِ اللَّقِيطِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ.

الرَّابِعَةُ: أَنَّهُ لَا يُقَرُّ فِي يَدِ الْبَدَوِيِّ الَّذِي يَنْتَقِلُ فِي الْمَوَاضِعِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إِتْعَابًا لِلطِّفْلِ بِتَنَقُّلِهِ، فَعَلَيْهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُدْفَعُ إِلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَرْفَهُ لَهُ، وَأَخَفُّ عَلَيْهِ، وَفِي آخَرَ أَنَّهُ يُقَرُّ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ وَلَدُ بَدَوِيَّيْنِ، وَإِقْرَارُهُ فِي يَدِ مُلْتَقِطِهِ أَرْجَى لِكَشْفِ نَسَبِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي " الْفُرُوعِ ".

الْخَامِسَةُ: أَنَّهُ لَا يُقَرُّ فِي يَدِ مَنْ وَجَدَهُ فِي الْحَضَرِ وَأَرَادَ نَقْلَهُ إِلَى الْبَادِيَةِ؛ لِأَنَّ مُقَامَهُ فِي الْحَضَرِ أَصْلَحُ لَهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَأَرْفَهُ لَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وُلِدَ فِيهِ، فَبَقَاؤُهُ فِيهِ أَرْجَى؛ لِكَشْفِ نَسَبِهِ وَظُهُورِ أَهْلِهِ وَاعْتِرَافِهِمْ بِهِ (وَإِنِ الْتَقَطَهُ فِي الْبَادِيَةِ مُقِيمٌ فِي حِلَّةٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: الْبُيُوتِ الْمُجْتَمِعَةِ، وَحِينَئِذٍ يُقَرُّ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْحِلَّةَ كَالْقَرْيَةِ فِي كَوْنِهِ لَا يَرْحَلُ لِطَلَبِ الْمَاءِ وَالْكَلَأِ (أَوْ مَنْ يُرِيدُ نَقْلَهُ إِلَى الْحَضَرِ أُقِرَّ مَعَهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُهُ مِنْ أَرْضِ الْبُؤْسِ وَالشَّقَاءِ إِلَى الرَّفَاهِيَةِ وَالدَّعَةِ وَالدِّينِ.

(وَإِنِ الْتَقَطَهُ فِي الْحَضَرِ مَنْ يُرِيدُ نَقْلَهُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، فَهَلْ يُقَرُّ فِي يَدِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) ، أَحَدُهُمَا لَا يُقَرُّ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ بِبَلَدِهِ أَرْجَى لِكَشْفِ نَسَبِهِ، وَالثَّانِي: يُقَرُّ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ، وَالْبَلَدُ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فِي الرَّفَاهِيَةِ، أَشْبَهَ الْمُنْتَقِلَ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيِ الْبَلَدِ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ أَرَادَ نَقْلَهُ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَةٍ، أَوْ مِنْ حِلَّةٍ إِلَى حِلَّةٍ، وَعَلَى الْمَنْعِ مَا لَمْ يَكُنِ الْبَلَدُ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَبِيئًا كَغَوْرِ بَيْسَانَ؛ قَالَهُ الْخِرَقِيُّ، وَقِيلَ: إِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِيمَا انْتَقَلَ بِهِ إِلَيْهِ مِنْ حِلَّةٍ وَقَرْيَةٍ وَبَلَدٍ جَازَ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " مَنْ وَجَدَهُ بِفَضَاءٍ خَالٍ نَقَلَهُ حَيْثُ شَاءَ.

(وَإِنِ الْتَقَطَهُ اثْنَانِ) بِحَيْثُ إِنَّهُمَا تَنَاوَلَاهُ جَمِيعًا (قُدِّمَ الْمُوسِرُ عَلَى الْمُعْسِرِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَحَظُّ لِلطِّفْلِ (وَالْمُقِيمُ عَلَى الْمُسَافِرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَرْفَقَ بِالطِّفْلِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا غَيْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>