للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اثْنَانِ قُدِّمَ الْمُوسِرُ عَلَى الْمُعْسِرِ، وَالْمُقِيمُ عَلَى الْمُسَافِرِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا وَتَشَاحَّا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْمُلْتَقِطِ مِنْهُمَا قُدِّمَ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ قُدِّمَ صَاحِبُ الْيَدِ، فَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا يَدٌ فَوَصَفَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مُتَّصِفَيْنِ بِمَا ذَكَرْنَا فَإِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْ أَيْدِيهِمَا، وَيُقَدَّمُ الْأَمِينُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْمُسْلِمُ عَلَى الْكَافِرِ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ فَقِيرًا؛ لِأَنَّ النَّفْعَ بِإِسْلَامِهِ أَعْظَمُ مِنَ النَّفْعِ الْحَاصِلِ بِيَسَارِهِ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمْ: يُقَدَّمُ الْجَوَادُ عَلَى الْبَخِيلِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": يُقَدَّمُ بَلَدِيٌّ عَلَى غَيْرِهِ، وَظَاهِرُ الْعَدَالَةِ عَلَى مَسْتُورِ الْحَالِ؛ وَقِيلَ: سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ وُجُودِ الْمَانِعِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْعِ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِي التَّرْجِيحِ (فَإِنْ تَسَاوَيَا) فِي الصِّفَاتِ (وَتَشَاحَّا، أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: ٤٤] ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ عِنْدَهُمَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَالْقُرْعَةِ فِي الشَّرِكَةِ، وَالْقَسْمِ، وَالْعِتْقِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةً؛ لِاخْتِلَافِ الْأَغْذِيَةِ، وَالْأُنْسِ، وَالْإِلْفِ، وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ؛ وَقِيلَ: يُسَلِّمُهُ الْحَاكِمُ إِلَى أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا، فَلَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِتَسْلِيمِهِ إِلَى الْآخَرِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، فَلَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِيثَارِ بِهِ.

(وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْمُلْتَقِطِ مِنْهُمَا قُدِّمَ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى، فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا، فَإِنِ اسْتَوَى تَارِيخُهُمَا، أَوْ أُطْلِقَتَا، أَوْ أُرِّخَتْ إِحْدَاهُمَا وَأُطْلِقَتِ الْأُخْرَى - تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا فِي وَجْهٍ، فَيَصِيرُ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا، وَفِي الْآخَرِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ اللَّقِيطُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ أَوْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي دَعْوَى الْمَالِ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ قُدِّمَ صَاحِبُ الْيَدِ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ اسْتِحْقَاقِ الْإِمْسَاكِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ.

قَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كَالطَّلَاقِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَنَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ ": يَحْلِفُ أَنَّهُ الْتَقَطَهُ (فَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي السَّبَبِ وَلَمْ يُمْكِنْ تَسْلِيمُهُ إِلَيْهِمَا، فَتَثْبُتُ الْقُرْعَةُ، وَحِينَئِذٍ يُسَلَّمُ إِلَى مَنْ تَقَعُ الْقُرْعَةُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي لَا يَمِينَ، فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ قَهَرًا وَسَأَلَ يَمِينَهُ، حَلَفَ، وَفِي " الْمُنْتَخَبِ ": لَا، كَطَلَاقٍ، (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا يَدٌ فَوَصَفَهُ أَحَدُهُمَا) بِأَنْ يَقُولَ: فِي ظَهْرِهِ شَامَةٌ، أَوْ بِخَدِّهِ عَلَامَةٌ (قُدِّمَ) ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ كَلُقَطَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>