للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّقِيطُ فَقِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَلِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ، وَإِنِ ادَّعَى الْجَانِي عَلَيْهِ أَوْ قَاذِفُهُ رِقَّهُ وَكَذَّبَهُ اللَّقِيطُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ اللَّقِيطِ، وَإِنِ ادَّعَى إِنْسَانٌ أَنَّهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

إِذَا رَآهُ أَصْلَحَ؛ لِقَوْلِهِ: «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» وَمَتَى عُفِيَ عَلَى مَالٍ أَوْ صَالَحَ عَلَيْهِ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ كَجِنَايَةِ الْخَطَأِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ (وَإِنْ قُطِعَ طَرَفُهُ عَمْدًا انْتَظَرَ بُلُوغَهُ) وَرُشْدَهُ - فِي الْأَشْهَرِ - لِيَقْتَصَّ أَوْ يَعْفُوَ؛ لِأَنَّ مُسْتَحِقَّ الِاسْتِيفَاءِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ لَا يَصْلُحُ، فَانْتَظَرَ أَهْلِيَّتَهُ لِيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَيُحْبَسُ الْجَانِي إِلَى بُلُوغِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَعَنْهُ: لِلْإِمَامِ الْقِصَاصُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيِ الْقِصَاصِ، فَكَانَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ عَنِ اللَّقِيطِ كَالنَّفْسِ، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ قِصَاصٌ لَمْ يَتَحَتَّمِ اسْتِيفَاؤُهُ، فَوُقِفَ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ كَمَا لَوْ كَانَ بَالِغًا غَائِبًا، وَفَارَقَ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ لَهُ بَلْ لِوَارِثِهِ، وَالْإِمَامُ هُوَ الْمُتَوَلِّي عَلَيْهِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللَّقِيطُ فَقِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، فَلِلْإِمَامِ) - أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ - (الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ لَهُ حَالَةٌ مَعْلُومَةٌ تُنْتَظَرُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَدُومُ بِخِلَافِ الْعَاقِلِ، وَلَا بُدَّ مِنِ اجْتِمَاعِ الْوَصْفَيْنِ، فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُهُمَا فَوَجْهَانِ.

(وَإِنِ ادَّعَى الْجَانِي عَلَيْهِ أَوْ قَاذِفُهُ رِقَّهُ وَكَذَّبَهُ اللَّقِيطُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ اللَّقِيطِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ، فَقَوْلُهُ مُوَافِقٌ لِلظَّاهِرِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حَدُّ الْحُرِّ إِذَا كَانَ قَاذِفًا - فِي الْأَصَحِّ - وَحِينَئِذٍ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ الْجَانِي حُرًّا، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاذِفِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ صِحَّةَ قَوْلِهِ بِأَنْ يَكُونَ ابْنَ أَمَةٍ، فَيَكُونُ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي إِسْقَاطِ الْحَدِّ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا صَدَّقَهُ اللَّقِيطُ أَنَّهُ رَقِيقٌ سَقَطَ الْحَدُّ؛ لِإِقْرَارِ الْمُسْتَحِقِّ بِسُقُوطِهِ، وَوَجَبَ عَلَى الْقَاذِفِ التَّعْزِيرُ؛ لِقَذْفِهِ مَنْ لَيْسَ بِمُحْصَنٍ، وَالْقِصَاصُ لَيْسَ بِحَدٍّ، وَإِنَّمَا وَجَبَ حَقًّا لِآدَمِيٍّ؛ وَلِذَلِكَ جَازَتِ الْمُصَالَحَةُ عَنْهُ وَأُخِذَ بَدَلُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْبَالِغُ مُمْسِكًا عَنْهُمَا، فَكَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ (وَإِنِ ادَّعَى إِنْسَانٌ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ لَمْ يُقْبَلْ) ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الدَّعْوَى لَا تَكْفِي فِي انْتِزَاعِ الْمُدَّعِي لِلْخَبَرِ، وَفِي " الشَّرْحِ " أَنَّهَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>