للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَمْلُوكُهُ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يُعْتَبَرَ قَوْلُهَا فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ يُقْبَلْ، وَعَنْهُ: يُقْبَلُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْبَلُ فِيمَا عَلَيْهِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي غَيْرِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ:

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَانَتْ مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا تُخَالِفُ الظَّاهِرَ، وَتُفَارِقُ دَعْوَى النَّسَبِ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ دَعْوَى النَّسَبِ لَا تُخَالِفُ الظَّاهِرَ بِخِلَافِ دَعْوَى الرِّقِّ، الثَّانِي: أَنَّ دَعْوَى النَّسَبِ يَثْبُتُ بِهَا حَقًّا لِلَّقِيطِ، وَدَعْوَى الرِّقِّ يُثْبِتُ بِهَا حَقًّا عَلَيْهِ، فَلَمْ تُقْبَلْ بِمُجَرَّدِهَا (إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَلِدُ فِي مِلْكِهِ إِلَّا مِلْكَهُ، يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا وَلَدَتْهُ قَبْلَ مِلْكِهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ، فَإِنَّهَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ مَمْلُوكُهُ حُكِمَ لَهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ سَبَبُ الْمِلْكِ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِمِلْكِ دَارٍ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " (وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يُعْتَبَرَ قَوْلُهَا فِي مِلْكِهِ) ؛ لِأَنَّ أَمَتَهُ مِلْكُهُ، فَنَمَاؤُهَا مِلْكُهُ كَسِمَنِهَا، وَمَتَى شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِالْيَدِ فَإِنْ كَانَتْ لِلْمُلْتَقِطِ لَمْ يَثْبُتْ بِهَا مِلْكٌ، وَإِنْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ حُكِمَ لَهُ بِالْيَدِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي الْمِلْكِ، وَفِي " الْفُرُوعِ ": وَإِنِ ادَّعَى رِقَّهُ وَهُوَ طِفْلٌ، أَوْ مَجْنُونٌ، وَلَيْسَ بِيَدِ غَيْرِهِ بَلْ بِيَدِهِ، وَلَيْسَ وَاجِدُهُ - فَهُوَ لَهُ وَإِنْ أَنْكَرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَفِي " الشَّرْحِ ": إِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى بَعْدَ بُلُوغِ اللَّقِيطِ كُلِّفَ إِجَابَتَهُ، فَإِنْ أَنْكَرَ وَثَمَّ بَيِّنَةٌ حُكِمَ بِهَا، فَإِنْ كَانَ اللَّقِيطُ تَصَرَّفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ نُقِضَتْ تَصَرُّفَاتُهُ، (وَإِنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ يُقْبَلْ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ حَقَّ اللَّهِ مِنَ الْحُرِّيَّةِ الْمَحْكُومِ بِهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إِذَا كَانَ قَدِ اعْتَرَفَ بِالْحُرِّيَّةِ لِنَفْسِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَذَا إِذَا لَمْ يَعْتَرِفْ فِي الْأَصَحِّ، (وَعَنْهُ: يُقْبَلُ) ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الْحَالِ، فَيُقْبَلُ إِقْرَارُهُ كَالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ، وَإِنْ تَضَمَّنَ فَوَاتَ نَفْسِهِ، وَشَرَطَ فِي " الْمُغْنِي " عَلَيْهَا أَلَّا يَكُونَ أَقَرَّ بِالْحُرِّيَّةِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِهَا لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُكَذِّبًا لِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ جَحَدَهُ. (وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْبَلُ فِيمَا عَلَيْهِ رِوَايَةً وَاحِدَةً) ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ حَقًّا عَلَيْهِ وَحَقًّا لَهُ، فَوَجَبَ أَنْ يُثْبِتَ مَا عَلَيْهِ فَقَطْ، كَمَا لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عِنْدِي أَلْفٌ وَلِي عِنْدَهُ رَهْنٌ، (وَهَلْ يُقْبَلُ فِي غَيْرِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) ، إِحْدَاهُمَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ تَتْبَعُ الرِّقَّ، فَإِذَا ثَبَتَ الْأَصْلُ بِقَوْلِهِ، ثَبَتَ التَّبَعُ، كَمَا لَوْ شَهِدَتِ امْرَأَةٌ بِالْوِلَادَةِ، فَإِنَّهَا تَثْبُتُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ تَبَعًا، فَإِذَا قُلْنَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بِالرِّقِّ بَعْدَ نِكَاحِهِ وَهُوَ ذَكَرٌ، وَكَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ - فَسَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>