للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدَةٍ، وَإِنِ ادَّعَاهُ أَكْثَرُ مِنِ اثْنَيْنِ فَأُلْحِقَ بِهِمْ - لَحِقَ بِهِمْ وَإِنْ كَثُرُوا. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يُلْحَقُ بِأَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْنِ، وَإِنْ نَفَتْهُ الْقَافَةُ عَنْهُمْ، أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ، أَوْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ - ضَاعَ نَسَبُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ يُتْرَكُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبَ إِلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِنْ وَطِئَ اثْنَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ أَوْ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَرْعٌ: إِذَا ادَّعَى نَسَبَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا؛ لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُمَا بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، فَيُلْحَقُ بِهِمَا جَمِيعًا، وَيَكُونُ ابْنُهُمَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُمَا كَالِانْفِرَادِ (وَإِنِ ادَّعَاهُ أَكْثَرُ مِنِ اثْنَيْنِ فَأُلْحِقَ بِهِمْ لَحِقَ بِهِمْ، وَإِنْ كَثُرُوا) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا أَنَّهُ يُلْحَقُ بِثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ أُلْحِقَ بِاثْنَيْنِ مَوْجُودٌ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ قِيَاسًا، وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ إِلْحَاقَهُ بِاثْنَيْنِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ مَمْنُوعٌ، وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ، لَكِنْ ثَبَتَ لِمَعْنًى مَوْجُودٍ فِي غَيْرِهِ، فَيَجِبُ تَعْدِيَةُ الْحُكْمِ بِهِ كَإِبَاحَةِ الْمَيْتَةِ فِي الْمَخْمَصَةِ، أُبِيحَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَالُ الْغَيْرِ.

وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُلْحَقُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَلَا عَدَّى الْحُكْمَ إِلَى مَا فِي مَعْنَاهُ، (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يُلْحَقُ بِأَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْنِ) ؛ لِلْأَثَرِ، فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَمَنِ ادَّعَاهُ اثْنَانِ وَلَا قَافَةَ، (وَإِنْ نَفَتْهُ الْقَافَةُ عَنْهُمْ، أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ، أَوْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ ضَاعَ نَسَبُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَ " الْمُغْنِي " أَنَّهُ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ لِأَحَدِهِمْ، أَشْبَهَ مَنْ لَمْ يُدَّعَ نَسَبُهُ، فَعَلَى هَذَا لَا يُرَجَّحُ أَحَدُهُمْ بِذِكْرِ عَلَامَةٍ فِي جَسَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ بِهِ فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى سِوَى الِالْتِقَاطِ فِي الْمَالِ، وَكَذَا إِذَا اخْتَلَفَ قَائِفَانِ أَوِ اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ، وَإِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ وَخَالَفَا ثَالِثًا أُخِذَ بِقَوْلِهِمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ بَيْطَارَانِ وَطَبِيبَانِ فِي عَيْبٍ، وَلَوْ رَجَعَا، (وَفِي الْآخَرِ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ (يُتْرَكُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبُ إِلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَمِيلُ طَبْعُهُ إِلَى قَرِيبِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ أَقَرَّ بِهِ مَنْ هُوَ أَهْلُ الْإِقْرَارِ، فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ كَمَا لَوِ انْفَرَدَ. (أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ) ، حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْهُ فِي رَجُلَيْنِ وَقَعَا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَعَلَى قَوْلِهِ لَوِ انْتَسَبَ إِلَى أَحَدِهِمَا ثُمَّ عَادَ فَانْتَسَبَ إِلَى الْآخَرِ، أَوْ نَفَى نَسَبَهُ مِنَ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَنْتَسِبْ إِلَى الْآخَرِ - لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ نَسَبُهُ فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ، فَلَوْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِغَيْرِ مَنِ انْتَسَبَ إِلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>