للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدِهِ، وَإِنْ شَرَطَ رُجُوعَهَا إِلَى الْمُعْمَرِ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَالَ: هِيَ لِآخِرِنَا مَوْتًا - صَحَّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْمُعْمِرِ، وَقَالَهُ اللَّيْثُ، لِقَوْلِ جَابِرٍ: إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقُولَ: هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ، أَمَّا إِذَا قَالَ: هِيَ لَكَ مَا عِشْتَ، فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِهَا، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ، مَعَ أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ قَضَى بِهَا طَارِقٌ بِالْمَدِينَةِ بِأَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إِنَّهَا تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ، لَا يَضُرُّ إِذَا نَقَلَهَا الشَّارِعُ إِلَى تَمْلِيكِ الرَّقَبَةِ كَالْمَنْقُولَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، أَمَّا لَوْ قَالَ: أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ وَلِعَقِبِكَ فَلَا خِلَافَ عِنْدِنَا فِي الصِّحَّةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي " الْكَافِي " وَذِكْرُ الْعَقِبِ تَأْكِيدٌ.

تَنْبِيهٌ: لَيْسَ ذَلِكَ خَاصًّا بِالْعَقَارِ، بَلْ يَجْرِي فِيهِ وَفِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ، نَقَلَ يَعْقُوبُ وَابْنُ هَانِئٍ مَنْ يُعْمَرُ الْجَارِيَةَ أَيْضًا؟ قَالَ: لَا أَرَاهُ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الْوَرَعِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهَا تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ، وَرَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا أُعْمِرَ فَرَسًا حَيَاتَهُ، فَخَاصَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ» ، وَالْإِنْسَانُ إِنَّمَا يَمْلِكُ الشَّيْءَ عُمْرَهُ، فَقَدْ وَقَّتَهُ بِمَا هُوَ مُؤَقَّتٌ بِهِ فِي الْحَقِيقَةِ فَصَارَ كَالْمُطْلَقِ.

(وَإِنْ شَرَطَ رُجُوعَهَا إِلَى الْمُعْمَرِ عِنْدَ مَوْتِهِ) إِنْ مَاتَ قَبْلَهُ، أَوْ إِلَى غَيْرِهِ، وَتُسَمَّى الرُّقْبَى، أَوْ رُجُوعُهَا مُطْلَقًا إِلَيْهِ، أَوْ إِلَى وَرَثَتِهِ (أَوْ قَالَ: هِيَ لِآخِرِنَا مَوْتًا، صَحَّ الشَّرْطُ) كَالْعَقْدِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» . قَالَ الْقَاسِمُ: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلَّا عَلَى شُرُوطِهِمْ، وَحِينَئِذٍ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ (وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ) الشَّرْطُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَفِي " الْمُغْنِي " هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ "؛ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعًا، قَالَ: «لَا عُمْرَى وَلَا رُقْبَى، فَمَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا أَوْ أَرْقَبَهُ فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ» ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبْطَالِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الرُّقْبَى يُشْتَرَطُ فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>