للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصُّدَاعِ وَنَحْوِهِ، فَعَطَايَاهُ كَعَطَايَا الصَّحِيحِ سَوَاءٌ، يَصِحُّ فِي جَمِيعِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفَ؛ كَالْبِرْسَامِ، وَذَاتِ الْجَنْبِ وَالرُّعَافِ الدَّائِمِ، وَالْقِيَامِ الْمُتَدَارَكِ، وَالْفَالِجِ فِي ابْتِدَائِهِ، وَالسِّلِّ فِي انْتِهَائِهِ، وَمَا قَالَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ أَنَّهُ مَخُوفٌ فَعَطَايَاهُ كَالْوَصِيَّةِ فِي أَنَّهَا لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ وَلَا لِأَجْنَبِيٍّ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ إِلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ كَالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالْمُحَابَاةِ، فَأَمَّا الْأَمْرَاضُ الْمُمْتَدَّةُ كَالسِّلِّ، وَالْجُذَامِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْقَطَّاعِ: فَلَجَ فَالِجًا بَطَلَ نِصْفُهُ أَوْ عُضْوٌ مِنْهُ، (وَالسِّلُّ فِي انْتِهَائِهِ) ، هُوَ - بِكَسْرِ السِّينِ - دَاءٌ مَعْرُوفٌ، وَقَدْ سَلَّ وَأَسَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ مَسْلُولٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَمِثْلُهُ الْقُولَنْجُ، وَهُوَ أَنْ يَنْعَقِدَ الطَّعَامُ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَلَا يَنْزِلَ عَنْهُ، فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَخُوفَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا حُمَّى، وَهِيَ مَعَ الْحُمَّى أَشَدُّ خَوْفًا، وَإِنْ بَادَرَهُ الدَّمُ وَاجْتَمَعَ فِي عُضْوٍ كَانَ مَخُوفًا؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْحَرَارَةِ الْمُفْرِطَةِ، وَإِنْ هَاجَتْ بِهِ الصَّفْرَاءُ فَهِيَ مَخُوفَةٌ؛ لِأَنَّهَا تُورِثُ يُبُوسَةً، وَكَذَلِكَ الْبَلْغَمُ إِذَا هَاجَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شِدَّةِ الْبُرُودَةِ، وَقَدْ يَغْلِبُ عَلَى الْحَرَارَةِ الْغَزِيرَةِ فَيُطْفِئُهَا، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " (وَمَا قَالَ عَدْلَانِ) - أَيْ مُسْلِمَانِ - (مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ) أَيْ عِنْدِ الشَّكِّ فِيهِ (أَنَّهُ مَخُوفٌ) فَيُرْجَعُ إِلَى قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْوَارِثِ وَالْعَطَايَا، وَقِيلَ: يُقْبَلُ لِعَدَمٍ، وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ الْمَخُوفَ عُرْفًا، أَوْ يَقُولُ عَدْلَيْنِ (فَعَطَايَاهُ) صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَوْصَى حِينَ جُرِحَ وَسُقِيَ لَبَنًا وَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، وَاتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى نُفُوذِ عَهْدِهِ (كَالْوَصِيَّةِ فِي أَنَّهَا لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ وَلَا لِأَجْنَبِيٍّ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ إِلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ كَالْهِبَةِ) الْمَقْبُوضَةِ (وَالْعِتْقِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالْمُحَابَاةِ) ، وَالصَّدَقَةِ، وَالْوَقْفِ، وَالْإِبْرَاءِ مِنَ الدَّيْنِ، وَالْعَفْوِ عَنِ الْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ» ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، فَمَفْهُومُهُ لَيْسَ لَهُ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ، يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَاسْتَدْعَاهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَإِذَا لَمْ يُنَفَّذِ الْعِتْقُ مَعَ سَرَايَتِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَلِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>