للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَالِجِ فِي دَوَامِهِ، فَإِنْ صَارَ صَاحِبُهَا صَاحِبَ فِرَاشٍ فَهِيَ مَخُوفَةٌ وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّ عَطِيَّتَهُ مِنَ الثُّلُثِ، وَمَنْ كَانَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ عِنْدَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ، أَوْ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ عِنْدَ هَيَجَانِهِ، أَوْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلَدِهِ، أَوْ قَدِمَ لِيُقْتَصَّ مِنْهُ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الظَّاهِرُ مِنْهَا الْمَوْتُ فَكَانَتْ عَطِيَّتُهُ فِيهَا فِي حَقِّ وَرَثَتِهِ لَا تَتَجَاوَزُ الثُّلُثَ كَالْوَصِيَّةِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ هَذِهِ الْعَطَايَا إِذَا وُجِدَتْ فِي الصِّحَّةِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.

تَنْبِيهٌ: حُكْمُ الْعَطِيَّةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي أَشْيَاءَ مِنْهَا:

أَنَّهُ يَقِفُ نُفُوذُهَا عَلَى خُرُوجِهَا مِنَ الثُّلُثِ أَوْ إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ.

وَمِنْهَا: أَنَّهَا لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ إِلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ فَضِيلَتَهَا نَاقِصَةٌ عَنْ فَضِيلَةِ الصَّدَقَةِ فِي الصِّحَّةِ.

وَمِنْهَا: أَنَّهَا تُزَاحِمُ فِي الثُّلُثِ إِذَا وَقَعَتْ دُفْعَةً وَاحِدَةً كَتَزَاحُمِ الْوَصَايَا.

وَمِنْهَا: أَنَّ خُرُوجَهَا مِنَ الثُّلُثِ يُعْتَبَرُ حَالَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ.

(فَأَمَّا الْأَمْرَاضُ الْمُمْتَدَّةُ كَالسِّلِّ، وَالْجُذَامِ، وَالْفَالِجِ فِي دَوَامِهِ) ، وَحُمَّى الرِّبْعِ (فَإِنْ صَارَ صَاحِبُهَا صَاحِبَ فِرَاشٍ) ، أَيْ لَزِمَ الْفِرَاشَ (فَهِيَ مَخُوفَةٌ) أَيْ عَطِيَّتُهُ مِنَ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ مَرِيضٌ صَاحِبُ فِرَاشٍ يُخْشَى مِنْهُ التَّلَفُ، أَشْبَهَ الْحُمَّى الْمُطْبِقَةَ (وَإِلَّا فَلَا) ، أَيْ إِنْ لَمْ يَصِرْ صَاحِبُهَا صَاحِبَ فِرَاشٍ فَلَيْسَتْ مَخُوفَةً، وَعَطِيَّتُهُ حِينَئِذٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

قَالَ الْقَاضِي: إِذَا كَانَ يَذْهَبُ وَيَجِيءُ فَعَطَايَاهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، هَذَا تَحْقِيقُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ تَعْجِيلُ الْمَوْتِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ فَهُوَ كَالْهَرِمِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّ عَطِيَّتَهُ مِنَ الثُّلُثِ) مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا مَخُوفَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَوَجَبَ إِلْحَاقُهَا بِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ نَقَلَ حَرْبٌ فِي وَصِيَّةِ الْمَجْذُومِ وَالْمَفْلُوجِ مِنَ الثُّلُثِ، فَالْمَجْدُ أَثْبَتَهَا وَجَعَلَهَا ثَابِتَةً، وَصَاحِبُ " الشَّرْحِ " حَمَلَهَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ وَجْهًا آخَرَ: أَنَّ عَطَايَا هَؤُلَاءِ مِنَ الْمَالِ كُلِّهِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمُنَجَّا: إِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ التَّنَاقُضُ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، فَغَايَتُهُ أَنَّهُ حَكَى وَجْهَيْنِ (وَمَنْ كَانَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ عِنْدَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ) بِأَنِ اخْتَلَطَتِ الطَّائِفَتَانِ لِلْقِتَالِ، وَكَانَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا مُكَافِئَةً لِلْأُخْرَى أَوْ مَقْهُورَةً، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِمَا مُتَّفِقَيْنِ فِي الدِّينِ؛ لِأَنَّ تَوَقُّعَ التَّلَفِ هُنَا كَتَوَقُّعِ الْمَرِيضِ أَوْ أَكْثَرَ، فَوَجَبَ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ، فَأَمَّا الْقَاهِرَةُ بَعْدَ ظُهُورِهَا فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ. (أَوْ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ عِنْدَ هَيَجَانِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>