وَالْحَامِلُ عِنْدَ الْمَخَاضِ - فَهُوَ كَالْمَرِيضِ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ إِذَا صَارَ لَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَطَايَا هَؤُلَاءِ مِنَ الْمَالِ كُلِّهِ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَيْ إِذَا اضْطَرَبَ وَهَبَّتِ الرِّيحُ الْعَاصِفُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَهُمْ بِشِدَّةِ الْخَوْفِ فِي قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: ٢٢] الْآيَةَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا رَكِبَهُ وَهُوَ سَاكِنٌ فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ (أَوْ وَقَعَ الطَّاعُونُ) قَالَ أَبُو السَّعَادَاتِ: هُوَ الْمَرَضُ الْعَامُّ وَالْوَبَاءُ الَّذِي يَفْسُدُ لَهُ الْهَوَاءُ، فَتَفْسُدُ بِهِ الْأَمْزِجَةُ وَالْأَبْدَانُ.
وَقَالَ عِيَاضٌ: هُوَ قُرُوحٌ تَخْرُجُ فِي الْمَغَابِنِ وَغَيْرِهَا لَا يَلْبَثُ صَاحِبُهَا وَيُغَمُّ إِذَا ظَهَرَتْ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَأَمَّا الطَّاعُونُ فَوَبَاءٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ بَثْرٌ وَوَرَمٌ مُؤْلِمٌ جِدًّا يَخْرُجُ مَعَ لَهَبٍ وَيَسْوَدُّ مَا حَوْلَهُ وَيَخْضَرُّ وَيَحْمَرُّ حُمْرَةً بَنَفْسَجِيَّةً، وَيَحْصُلُ مَعَهُ خَفَقَانٌ لِلْقَلْبِ (بِبَلْدَهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَخُوفٌ إِذَا كَانَ فِيهِ، (أَوْ قَدِمَ لِيُقْتَصَّ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ إِذَا حُكِمَ لِلْمَرِيضِ وَحَاضِرِ الْحَرْبِ بِالْخَوْفِ مَعَ ظُهُورِ السَّلَامِ، فَمَعَ ظُهُورِ التَّلَفِ وَقُرْبِهِ أَوْلَى، وَلَا عِبْرَةَ بِصِحَّةِ الْبَدَنِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْقَتْلِ كَغَيْرِهِ لَعَمَّ، سَوَاءٌ كَانَ قِصَاصًا أَوْ غَيْرَهُ كَالرَّجْمِ، وَكَذَا إِذَا حُبِسَ لِلْقَتْلِ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي " وَ " الْفُرُوعِ "، وَأَسِيرٌ عِنْدَ مَنْ عَادَتُهُمُ الْقَتْلُ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا كَانَ الْمَرِيضُ يَتَحَقَّقُ تَعْجِيلَ مَوْتِهِ، فَإِنْ كَانَ عَقْلُهُ قَدِ اخْتَلَّ كَمَنْ ذُبِحَ أَوْ أُبِينَتْ حِشْوَتُهُ فَلَا حُكْمَ لِعَطِيَّتِهِ وَلَا كَلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ ثَابِتَ الْعَقْلِ كَمَنْ خُرِقَتْ حِشْوَتُهُ أَوِ اشْتَدَّ مَرَضُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ عقله صَحَّ تَصَرُّفُهُ، وَذَكَرَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ": وَكَمَنَ جُرِحَ جُرْحًا مُوحِيًا مَعَ ثَبَاتِ عَقْلِهِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": مَنْ قُطِعَ بِمَوْتِهِ كَقَطْعِ حِشْوَتِهِ، وَغَرِيقٍ، وَمُعَايَنٍ كَمَيِّتٍ (وَالْحَامِلُ عِنْدَ الْمَخَاضِ) أَيْ عِنْدِ الطَّلْقِ، كَذَا ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، (فَهُوَ كَالْمَرِيضِ) مَرَضًا مَخُوفًا؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهَا أَلَمٌ شَدِيدٌ يَخَافُ مِنْهُ التَّلَفَ (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ إِذَا صَارَ لَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ) ، هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، أَيْ عَطِيَّتُهَا مِنَ الثُّلُثِ كَمَرِيضٍ حَتَّى تَنْجُوَ مِنْ نِفَاسِهَا؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ تُمْكِنُ الْوِلَادَةُ فِيهِ، وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ التَّلَفِ، وَالْأَشْهَرُ مَعَ أَلَمٍ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ: إِذَا ثَقُلَتْ لَا يَجُوزُ لَهَا إِلَّا الثُّلُثَ، وَلَمْ يَحِدَّ حَدًّا، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ (وَقِيلَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَطَايَا هَؤُلَاءِ مِنَ الْمَالِ كُلِّهِ) ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute