للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَجَزَ الثُّلُثُ عَنِ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنْجَزَةِ بُدِئَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ مِنْهَا، وَإِنْ تَسَاوَتْ قُسِمَ بَيْنَ الْجَمِيعِ بِالْحِصَصِ، وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ الْعِتْقُ، وَأَمَّا مُعَاوَضَةُ الْمَرِيضِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

حَكَاهُ أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مَرَضَ بِهِمْ، فَهُمْ كَالصَّحِيحِ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ فَإِنْ بَقِيَتِ الْمَشِيمَةُ مَعَهَا أَوْ مَاتَ مَعَهَا فَهُوَ مَخُوفٌ، فَإِنْ خَرَجَا فَحَصَلَ ثَمَّ وَرَمٌ أَوْ ضُرْبَانٌ شَدِيدٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي النُّفَسَاءِ إِذَا كَانَتْ تَرَى الدَّمَ فَعَطِيَّتُهَا مِنَ الثُّلُثِ، وَالسَّقْطُ كَالْوَلَدِ التَّامِّ لَا مُضْغَةٌ أَوْ عَلَقَةٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَلَمٌ، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ".

(وَإِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنِ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنْجَزَةِ) يُحْتَرَزُ بِهِ عَنِ الْوَصِيَّةِ، فَالتَّبَرُّعُ عِبَارَةٌ عَنْ إِزَالَةِ مِلْكِهِ فِيمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ. (بُدِئَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ مِنْهَا) ؛ لِأَنَّ السَّابِقَ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ فَلَمْ يَسْقُطْ بِمَا بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ السَّابِقُ عِتْقًا أَوْ غَيْرَهُ، وَعَنْهُ: يُقْسَمُ بَيْنَ الْكُلِّ بِالْحِصَصِ، وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ الْعِتْقُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ التَّبَرُّعَاتِ إِذَا كَانَتْ عَطَايَا وَوَصَايَا تُقَدَّمُ الْعَطَايَا؛ لِأَنَّهَا أَسْبَقُ، (وَإِنْ تَسَاوَتْ) أَيْ وَقَعَتْ دُفْعَةً بِأَنْ وَكَّلَ جَمَاعَةً فِيهَا فَأَوْقَعُوهَا دُفْعَةً وَاحِدَةً (قُسِمَ بَيْنَ الْجَمِيعِ بِالْحِصَصِ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ (وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ الْعِتْقُ) ؛ لِأَنَّهُ آكَدُ لِكَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى السِّرَايَةِ وَالتَّغْلِيبِ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا عِتْقًا أَقْرَعْنَا بَيْنَهُمْ، فَيَكْمُلُ الْعِتْقُ فِي بَعْضِهِمْ.

أَصْلٌ: إِذَا قَضَى الْمَرِيضُ بَعْضَ غُرَمَائِهِ وَوَفَّتْ تَرِكَتُهُ بِالْكُلِّ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَفِ فَوَجْهَانِ، أَشْهَرُهُمَا - وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ - أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى وَاجِبًا عَلَيْهِ كَأَدَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَالثَّانِي عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَعَلَّقَ بِمَالِهِ بِمَرَضِهِ، فَمُنِعَ تَصَرُّفَهُ فِيهِ كَالتَّبَرُّعِ، وَمَا لَزِمَهُ فِي مَرَضِهِ مِنْ حَقٍّ لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ وَإِسْقَاطُهُ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، فَلَوْ تَبَرَّعَ أَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لَمْ يَبْطُلْ تَبَرُّعُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَبَتَ بِالتَّبَرُّعِ فِي الظَّاهِرِ.

(وَأَمَّا مُعَاوَضَةُ الْمَرِيضِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَيَصِحُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ التَّبَرُّعُ، وَلَيْسَ هَذَا تَبَرُّعًا (وَإِنْ كَانَتْ مَعَ وَارِثٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تَبَرُّعَ فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>