للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَجْنُونِ وَالْمُبَرْسَمِ، وَفِي السَّكْرَانِ وَجْهَانِ وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ، وَلَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَيْمُونِيِّ أَنَّهُ لَا يُقَيَّدُ بِسِنٍّ، بَلْ إِذَا عَقَلَ تَصِحُّ مِنْهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا جَاوَزَ الْعَشْرَ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَنَّهَا تَصِحُّ فِي الْمَنْصُوصِ، وَعَنْهُ إِذَا بَلَغَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، حَكَاهَا ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَهِيَ قَوْلُ إِسْحَاقَ، وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ حَتَّى يَبْلُغَ تَبَعًا لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنِ، وَمُجَاهِدٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِالْمَالِ فَلَمْ تَصِحَّ مِنْهُ كَالْهِبَةِ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ، وَهَذَا فِي الصَّبِيِّ، وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَقَدْ نَصَّ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: أَنَّهَا إِذَا بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ.

(وَلَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ عَاقِلٍ كَالطِّفْلِ) وَهُوَ مَنْ لَهُ سِتُّ سِنِينَ فَمَا دُونَهَا (وَالْمَجْنُونِ وَالْمُبَرْسَمِ) وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ فِيهِمَا، وَفِي الْمُغْنِي لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِخِلَافِهِ إِلَّا إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَإِنَّهُ أَجَازَ وَصِيَّةَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ إِذَا وَافَقَتِ الْحَقَّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِكَلَامِهِمَا، وَلَا تَصَرُّفِهِمَا، فَالْوَصِيَّةُ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَصِحَّ إِسْلَامُهُ، وَصَلَاتُهُ الَّتِي هِيَ مَحْضُ نَفْعٍ، وَلَا ضَرَرَ فِيهَا، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَصِحَّ بَذْلُهُ لِمَالٍ يَتَضَرَّرُ بِهِ وَارِثُهُ، لَكِنْ إِنْ كَانَ يُجَنُّ فِي الْأَحْيَانِ، فَأَوْصَى حَالَ إِفَاقَتِهِ، فَإِنَّهَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْعُقَلَاءِ فِي شَهَادَتِهِ، وَوُجُوبِ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَذَلِكَ (وَفِي السَّكْرَانِ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا: لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ عَاقِلٍ، أَشْبَهَ الْمَجْنُونَ، وَطَلَاقُهُ إِنَّمَا وَقَعَ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ؛ لِارْتِكَابِهِ الْمَعْصِيَةَ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى طَلَاقِهِ.

(وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ) أَيْ: إِذَا فُهِمَتْ؛ لِأَنَّهَا أُقِيمَتْ مَقَامَ نُطْقِهِ فِي طَلَاقِهِ وَلِعَانِهِ وَغَيْرِهِمَا، فَإِنْ لَمْ تُفْهَمْ، فَلَا حُكْمَ لَهَا (وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ مَنِ اعْتَقَلَ لِسَانُهُ بِهَا) أَيْ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَأْيُوسًا مِنْ نُطْقِهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، قَالَهُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْيُوسٍ مِنْ نُطْقِهِ، وَكَالْقَادِرِ عَلَى الْكَلَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ كَالْأَخْرَسِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «صَلَّى وَهُوَ قَاعِدٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>