للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ، فَأَمَّا مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَتَجُوزُ وَصِيَّتُهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا تَرَكَ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ لَا يُوصِي، وَقَالَ: مَنْ تَرَكَ سِتِّينَ دِينَارًا مَا تَرَكَ خَيْرًا، وَعَنْ طَاوُسٍ: هُوَ ثَمَانُونَ دِينَارًا، وَعَنِ النَّخَعِيِّ: أَلْفٌ إِلَى خَمْسِمِائَةٍ، وَفِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْمَتْرُوكُ لَا يَفْضُلُ عَنْ غِنَى الْوَرَثَةِ لَمْ تُسْتَحَبَّ الْوَصِيَّةُ، لِمَا عَلَّلَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَعَلَيْهِ يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِاخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ فِي كَثْرَتِهِمْ وَقِلَّتِهِمْ وَغِنَاهُمْ وَحَاجَتِهِمْ، فَلَا يُتَقَيَّدُ بِقَدْرٍ مِنَ الْمَالِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهَا تُسْتَحَبُّ مَعَ غِنَاهُ عُرْفًا، وَقِيلَ: الْغَنِيُّ عُرْفًا: مَنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَالْأَدْنَى مَنْ لَهُ دُونَهَا (بِخُمْسِ مَالِهِ) رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ السَّلَفِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَضِيتُ بِمَا رَضِيَ اللَّهُ بِهِ لِنَفْسِهِ يَعْنِي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] ؛ وَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ: أُوصِي إِلَى أَنْ أَسْأَلَ الْعُلَمَاءَ: أَيُّ الْوَصِيَّةِ أَعْدَلُ، فَمَا تَتَابَعُوا عَلَيْهِ، فَهُوَ وَصِيَّةٌ فَتَتَابَعُوا عَلَى الْخُمْسِ، وَقِيلَ: بِالثُّلُثِ لِلْخَبَرِ، وَفِي الْإِفْصَاحِ: يُسْتَحَبُّ بِدُونِهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ بِخُمْسِهِ الْمُتَوَسِّطَ، وَذَكَرَ آخَرُونَ أَنَّ مَنْ مَلَكَ فَوْقَ أَلْفٍ إِلَى ثَلَاثَةٍ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ أَلْفَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَوْصَى بِالْخُمْسِ، وَلَمْ يُضَيِّقْ عَلَى وَرَثَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ فَبِالرُّبُعِ وَالثُّلُثِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْعَلَ وَصِيَّتَهُ لِأَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ إِذَا كَانُوا فُقَرَاءَ بِلَا خِلَافٍ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، فَإِنْ وَصَّى لِغَيْرِهِمْ وَتَرَكَهُمْ، صَحَّتْ فِي قَوْلِ الْجَمَاهِيرِ (وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ مَنْ تَرَكَ خَيْرًا، وَهُوَ الْفَقِيرُ (إِنْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ) مَحَاوِيجُ، كَذَا قَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ.

قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: رَوَاهُ ابْنُ مَنْصُورٍ؛ لِأَنَّهُ عَدَلَ عَنْ أَقَارِبِهِ الْمَحَاوِيجِ إِلَى الْأَجَانِبِ.

قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا مِنْ مَالٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ مَالٍ يَتْرُكُهُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ يُغْنِيهِمْ بِهِ عَنِ النَّاسِ، وَأَطْلَقَ فِي الْغُنْيَةِ اسْتِحْبَابَ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ لِقَرِيبٍ فَقِيرٍ لَا يَرِثُ، فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلِمِسْكِينٍ، وَعَالَمٍ، وَدَيِّنٍ قَطَعَهُ عَنِ السَّبَبِ العذر، وَكَذَا قَيَّدَ فِي الْمُغْنِي اسْتِحْبَابَهَا لِقَرِيبٍ بِفَقْرِهِ، (فَأَمَّا مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَتَجُوزُ وَصِيَّتُهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ) وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>