إِلَّا الثُّلُثُ وَلَا تَجُوزُ لِمَنْ لَهُ وَارِثٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ، وَلَا لِوَارِثِهِ بِشَيْءٍ إِلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، إِلَّا أَنْ يُوصِيَ لِكُلِّ وَارِثٍ بِمُعَيَّنٍ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ، فَهَلْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقَالَهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لِحَقِّ الْوَارِثِ، فَإِذَا عُدِمَ، وَجَبَ أَنْ يَزُولَ الْمَنْعُ لِزَوَالِ عِلَّتِهِ أَشْبَهَ حَالَ الصِّحَّةِ (وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ إِلَّا الثُّلُثُ) وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْ يَعْقِلُ عَنْهُ، فَلَمْ تَنْفُذْ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ مَعَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ، وَهُوَ بَيْتُ الْمَالِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وَرِثَهُ زَوْجٌ، أَوْ زَوْجَةٌ وَرُدَّ، بَطَلَتْ بِقَدْرِ فَرْضِهِ مِنْ ثُلُثَيْهِ، فَيَأْخُذُ الْوَصِيُّ الثُّلُثَ، ثُمَّ ذُو الْفَرْضِ مِنْ ثُلُثَيْهِ، ثُمَّ تُتَمَّمُ الْوَصِيَّةُ مِنْهُمَا، وَقِيلَ: لَا تُتَمَّمُ كَوَارِثٍ بِفَرْضٍ وَرَدٍّ، وَعَلَيْهَا بَيْتُ الْمَالِ جِهَةُ مَصْلَحَةٍ لَا وَارِثٌ، وَلَوْ وَصَّى أَحَدُهُمَا لِآخَرَ فَعَلَى الْأُولَى كُلُّهُ إِرْثًا وَوَصِيَّةً، وَقِيلَ لَا تَصِحُّ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ: ثُلُثُهُ وَصِيَّةٌ، ثُمَّ فَرْضُهُ، وَالْبَقِيَّةُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ إِذَا خَلَّفَ ذَا رَحِمٍ، أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْوَصِيَّةَ بِجَمِيعِ مَالِهِ؛ لِقَوْلِهِ: وَمَنْ أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ، وَلَا عَصَبَةَ وَلَا مَوْلَى، فَجَائِزٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ذَا الرَّحِمِ إِرْثُهُ كَالْفَضْلَةِ أَوِ الصِّلَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ: أَنَّهَا لَا تَنْفُذُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ لَهُ وَارِثًا فِي الْجُمْلَةِ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّصِّ كَذِي الْفَرْضِ الَّذِي يَحْجُبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
(وَلَا تَجُوزُ لِمَنْ لَهُ وَارِثٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ، وَلَا لِوَارِثِهِ بِشَيْءٍ إِلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِغَيْرِ وَارِثٍ تَلْزَمُ فِي الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ إِجَازَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ «يَقُولُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَعْدٍ حِينَ قَالَ: أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَالشِّطْرُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَحَدِيثُ عِمْرَانَ فِي الْمَمْلُوكِينَ السِّتَّةِ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمُ الْمَرِيضُ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إِذَا لَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ، وَتَجُوزُ بِإِجَازَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ، وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ فَكَالْوَصِيَّةِ لِغَيْرِهِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ فِي أَنَّهَا تَصِحُّ بِالْإِجَازَةِ، وَتَبْطُلُ بِالرَّدِّ بِغَيْرِ خِلَافٍ، قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، لِمَا رَوَى أَبُو أُمَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute