اقْتُضِيَ مِنَ الدَّيْنِ شَيْءٌ أَوْ حَضَرَ مِنَ الْغَائِبِ شَيْءٌ، مَلَكَ مِنَ الْمُوصَى بِهِ قَدْرَ ثُلُثِهِ حَتَّى يَمْلِكَهُ كُلَّهُ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمُدَبَّرِ، وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِثُلُثِ عَبْدٍ فَاسْتَحَقَّ ثُلُثَاهُ، فَلَهُ الثُّلُثُ الْبَاقِي، وَإِنْ وَصَّى لَهُ بثُلُثِ ِثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ فَاسْتَحَقَّ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ وَقَبْضِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَلِفَ، فَلَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي الْمُعَيَّنِ كُلِّهِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يُخَلِّفْ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ، وَقِيلَ: لَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ شُرَكَاؤُهُ فِي التَّرِكَةِ، فَلَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ، مَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ (وَكُلَّمَا اقْتُضِيَ مِنَ الدَّيْنِ شَيْءٌ أَوْ حَضَرَ مِنَ الْغَائِبِ شَيْءٌ، مَلَكَ مِنَ الْمُوصَى بِهِ قَدْرَ ثُلُثِهِ حَتَّى يَمْلِكَهُ كُلَّهُ) لِأَنَّهُ مُوصًى لَهُ بِهِ، فَخَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ، وَقَدْ زَالَ.
وَلَوْ خَلَّفَ ابْنًا وَتِسْعَةً عَيْنًا أَوْصَى بِهَا لِشَخْصٍ، وَعِشْرِينَ دِينَارًا دَيْنًا، فَلِلْوَصِيِّ ثُلُثُهَا ثَلَاثَةٌ، فَإِنِ اقْتَضَى ثَلَاثَةً، فَلَهُ مِنَ التِّسْعَةِ وَاحِدٌ حَتَّى يَقْتَضِيَ ثَمَانِيَةَ عَشْرَةَ، فَتَكْمُلُ لَهُ التِّسْعَةُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ، فَلِلِابْنِ السِّتَّةُ الْبَاقِيَةُ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ تِسْعَةً، فَالِابْنُ يَأْخُذُ ثُلُثَ الْعَيْنِ، وَالْوَصِيُّ ثُلُثَهَا، وَيَبْقَى ثُلُثُهَا مَوْقُوفًا، كُلَّمَا اسْتُوفِيَ مِنَ الدَّيْنِ شَيْءٌ، فَلِلْوَصِيِّ مِنَ الْعَيْنِ قَدْرُ ثُلُثِهِ، فَإِذَا اسْتُوفِيَ الدَّيْنُ، كَمَلَ لِلْوَصِيِّ سِتَّةٌ، وَهِيَ ثُلُثُ الْجَمِيعِ، وَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِنِصْفِ الْعَيْنِ أَخَذَ الْوَصِيُّ ثُلُثَهَا، وَالِابْنُ نِصْفَهَا، وَيَبْقَى سُدُسُهَا مَوْقُوفًا، فَمَتَى اقْتَضَى مِنَ الدَّيْنِ ثُلُثَيْهِ، كَمَلَتْ وَصِيَّتُهُ (وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمُدَبَّرِ) ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا، أَيْ: يَعْتِقُ فِي الْحَالِ ثُلُثُهُ، وَكُلَّمَا اقْتُضِيَ مِنَ الدَّيْنِ شَيْءٌ، أَوْ حَضَرَ مِنَ الْغَائِبِ، عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ ثُلُثِهِ حَتَّى يَعْتِقَ جَمِيعُهُ إِنْ خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ، وَفِي التَّرْغِيبِ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ مِنْ تَنْجِيزِ عِتْقِ ثُلُثِهِ تَسْلِيمُ ثُلُثَيْهِ إِلَى الْوَرَثَةِ، وَتَسْلِيطُهُمْ عَلَيْهِمَا مَعَ تَوَقُّعِ عِتْقِهِمَا بِحُضُورِ الْمَالِ، وَهَذَا سَهْوٌ مِنْهُ، قَالَ: وَكَذَا إِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى أَحَدِ أَخَوَيِ الْمَيِّتِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، فَهَلْ يَبْرَأُ عَنْ نَصِيبِ نَفْسِهِ، قَبْلَ تَسْلِيمِ نَصِيبِ أَخِيهِ، عَلَى الْوَجْهَيْنِ.
فَرْعٌ: إِذَا كَانَ الدَّيْنُ مُسَاوِيًا لِلْعَيْنِ، وَأَوْصَى لِشَخْصٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، فَكُلَّمَا اقْتُضِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَهُ ثُلُثُهُ، وَلِلِابْنِ ثُلُثَاهُ، وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: هُوَ أَحَقُّ بِمَا يَخْرُجُ مِنَ الدَّيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ وَصِيَّتَهُ.
(وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِثُلُثِ عَبْدٍ، فَاسْتُحِقَّ ثُلُثَاهُ، فَلَهُ الثُّلُثُ الْبَاقِي) أَيْ: إِذَا أَوْصَى لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute