أَمِينًا، وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصِّفَاتِ، ثُمَّ وُجِدَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَهَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِمَا، فَلَا يَلِيَانِ عَلَى غَيْرِهِمَا، وَالْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَلَمْ تَصِحَّ إِلَيْهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَالْفَاسِقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَمِينٍ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ كَالْمَجْنُونِ، وَكَذَا لَا تَصِحُّ إِلَى مَنْ لَا يَهْتَدِي إِلَى التَّصَرُّفِ لِسَفَهٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ هَرَمٍ، وَنَحْوِهِ، (وَعَنْهُ: تَصِحُّ إِلَى الْفَاسِقِ، وَيَضُمُّ الْحَاكِمُ إِلَيْهِ أَمِينًا) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ جَمْعًا بَيْنَ نَظَرِ الْمُوصِي وَحِفْظِ الْمَالِ، وَشَرَطَهُ إِنْ أَمْكَنَ الْحِفْظُ بِهِ، صَرَّحَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ تَصِحُّ إِلَيْهِ مُطْلَقًا، أَيْ: لَا يَفْتَقِرُ إِلَى أَمِينٍ، حَكَاهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ، وَأَخَذَهَا فِي الْمُغْنِي مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ إِذَا كَانَ مُتَّهَمًا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ، وَلِأَنَّهُ أَهْلُ الِائْتِمَانِ فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ جَوَازِ إِيدَاعِهِ لَكِنَّ تَتِمَّةَ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَيُجْعَلُ مَعَهُ آخَرُ كَرِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى، إِنْ كَانَ مُتَّهَمًا، ضُمَّ إِلَيْهِ أَمِينٌ يَعْلَمُ مَا جَرَى، وَلَا تُنْزَعُ الْوَصِيَّةُ مِنْهُ، وَذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ فِي فِسْقٍ طَارِئٍ فَقَطْ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ، وَتَرْجَمَةُ الْخَلَّالِ: هَلْ لِلْوَرَثَةِ ضَمُّ أَمِينٍ مَعَ الْوَصِيِّ الْمُتَّهَمِ، ثُمَّ إِنْ ضَمَّهُ بِأُجْرَةٍ مِنَ الْوَصِيَّةِ، تَوَجَّهَ جَوَازُهُ وَمِنَ الْوَصِيِّ، فِيهِ نَظَرٌ بِخِلَافِ ضَمِّهِ مَعَ الْفِسْقِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ لِحَاكِمٍ مَعَ وَصِيٍّ خَاصٍّ كُفْءٍ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ أُوصِيَ إِلَيْهِ بِإِخْرَاجِ حَجَّةٍ: وِلَايَةُ الدَّفْعِ، وَالتَّعْيِينُ لِلنَّاظِرِ الْخَاصِّ، وَإِنَّمَا لِلْوَلِيِّ الْعَامِّ الِاعْتِرَاضُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ أَوْ فِعْلِهِ مُحَرَّمًا فَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا نَظَرَ، وَلَا ضَمَّ مَعَ وَصِيٍّ غَيْرِ مُتَّهَمٍ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ (وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصِّفَاتِ ثُمَّ وُجِدَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَهَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛) أَحَدُهُمَا - وَهُوَ الْأَصَحُّ - أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وُجُودُ هَذِهِ الشُّرُوطِ فِي الْوَصِيِّ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهَا شُرُوطُ الْعَقْدِ، فَيُعْتَبَرُ حَالُ وُجُودِهِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَالثَّانِي: أَنَّهَا تُعْتَبَرُ حَالَةُ الْمَوْتِ حَسْبُ، كَالْوَصِيَّةِ لَهُ، وَلِأَنَّ شُرُوطَ الشَّهَادَةِ تُعْتَبَرُ حَالَةَ التَّحَمُّلِ، لَا الْأَدَاءِ، وَرُدَّ: بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ لِوَارِثٍ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ عَدَمُ الْإِرْثِ وَخُرُوجُهَا مِنَ الثُّلُثِ لِلنُّفُوذِ وَاللُّزُومِ، فَاعْتُبِرَ بِحَالَتِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، فَإِنَّهَا شُرُوطٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، فَاعْتُبِرَ بِحَالَةِ الْعَقْدِ، وَلَا يَنْفَعُ وُجُودُهَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ مَا بَيْنَهُمَا.
١ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute