وَجْهَيْنِ وَإِذَا أَوْصَى إِلَى وَاحِدٍ، وَبَعْدَهُ إِلَى آخَرَ، فَهُمَا وَصِيَّانِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: قَدْ أَخْرَجْتُ الْأَوَّلَ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ إِلَّا أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، أَقَامَ الْحَاكِمُ مَكَانَهُ أَمِينًا، وَكَذَلِكَ إِنْ فَسَقَ، وَعَنْهُ: يُضَمُّ إِلَيْهِ أَمِينٌ وَيَصِحُّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِذَا أَوْصَى إِلَى وَاحِدٍ، وَبَعْدَهُ إِلَى آخَرَ، فَهُمَا وَصِيَّانِ) نَصَّ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَوْصَى إِلَيْهِمَا جَمِيعًا (إِلَّا أَنْ يَقُولَ: قَدْ أَخْرَجْتُ) أَوْ عَزَلْتُ (الْأَوَّلَ) فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ بِعَزْلِهِ، فَانْعَزَلَ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ، ثُمَّ عَزَلَهُ (وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيِ: الْوَصِيَّيْنِ سَوَاءٌ أَوْصَى إِلَيْهِمَا مَعًا، أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ (الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِنَظَرِهِ وَحْدَهُ كَالْوَكِيلَيْنِ (إِلَّا أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ) فَإِنَّهُ يَنْفَرِدُ بِالتَّصَرُّفِ نَصَّ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ مَتَى تَعَذَّرَ اجْتِمَاعُهُمَا أَقَامَ الْحَاكِمُ مَكَانَ الْغَائِبِ أَمِينًا، ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، فَلَوِ اخْتَلَفَا فِي جَعْلِ الْمَالِ عِنْدَ مَنْ يَكُونُ مِنْهُمَا، جُعِلَ فِي مَكَانٍ، يَكُونُ تَحْتَ أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا، وَقَالَ مَالِكٌ: يُجْعَلُ عِنْدَ أَعْدَلِهِمَا، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) ، أَوْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ عَزْلَهُ (أَقَامَ الْحَاكِمُ مَكَانَهُ أَمِينًا) لُزُومًا؛ لِأَنَّ الْمُوصِي لَمْ يَرْضَ بِنَظَرِهِ وَحْدَهُ، فَلَوْ أَرَادَ الْحَاكِمُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِالثَّانِي لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ وَجَدَ مِنْهُمَا مَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ، فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَنْصِبَ مَكَانَهُمَا، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ وَجْهَانِ، كَذَا فِي الشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مَا إِذَا أَطْلَقَ، فَإِنْ جُعِلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ، لَمْ يَجُزْ لِلْحَاكِمِ إِقَامَةُ اثْنَيْنِ، وَفِي الرِّعَايَةِ: إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ، وَعَجَزَ الْآخَرُ عَنْهَا، أَوْ فَسَقَ أَقَامَ اثْنَيْنِ، كَمَا لَوْ عَجَزَا أَوْ فَسَقَا، وَقِيلَ: يَكْفِي وَاحِدٌ، (وَكَذَلِكَ إِنْ فَسَقَ) ، أَيْ يُقِيمُ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ أَمِينًا، (وَعَنْهُ: يُضَمُّ إِلَيْهِ أَمِينٌ) ، تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إِلَى الْفَاسِقِ وَالْكَلَامُ الْآنَ عَلَى الْفِسْقِ الطَّارِئِ، فَعِنْدَ الْمُؤَلِّفِ: هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ إِلَيْهِ ابْتِدَاءً،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute