كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَتَفْرِيقِ الْوَصِيَّةِ، وَالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ وَإِذَا أَوْصَى إِلَيْهِ فِي شَيْءٍ لَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
صَحَّ، وَكَذَا فِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ، وَإِنْ قَالَ: فُلَانٌ وَلِيُّ عَهْدِي، فَإِنْ وَلِيَ ثُمَّ مَاتَ فَفُلَانٌ بَعْدَهُ، لَمْ يَصِحَّ لِلثَّانِي، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ إِذَا وَلِيَ صَارَ إِمَامًا، وَصَارَ التَّصَرُّفُ، وَالنَّظَرُ، وَالِاخْتِيَارُ إِلَيْهِ، فَكَانَ الْعَهْدُ إِلَيْهِ فِيمَنْ يَرَاهُ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا جَعَلَ الْعَهْدَ إِلَى غَيْرِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَتُعْتَبَرُ صِفَاتُهُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَمْ تَثْبُتْ لِلْمَعْهُودِ إِلَيْهِ إِمَامَةٌ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ وَلِيُّ الْأَمْرِ وِلَايَةَ الْحُكْمِ أَوْ وَظِيفَةً بِشَرْطِ شُغُورِهَا، أَوْ بِشَرْطٍ فَوُجِدَ الشَّرْطُ بَعْدَ مَوْتِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَالْقِيَامِ مَقَامَهُ، أَنَّ وِلَايَتَهُ تَبْطُلُ، وَأَنَّ النَّظَرَ وَالِاخْتِيَارَ لِمَنْ قَامَ مَقَامَهُ، يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَصْحَابَ اعْتَبَرُوا وِلَايَةَ الْحُكْمِ بِالْوَكَالَةِ فِي مَسَائِلَ، فَإِنَّهُ لَوْ عَلَّقَ عِتْقًا أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطٍ، بَطَلَ بِمَوْتِهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ، فَتَبْطُلُ تَصَرُّفَاتُهُ انْتَهَى، وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ فِي اعْتِبَارِ الْوِلَايَةِ بِالْوَكَالَةِ نَظَرًا؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْوَكَالَةِ بِالْمَوْتِ لَا تَصِحُّ بِخِلَافِ الْوِلَايَةِ، كَمَا إِذَا عَهِدَ الْإِمَامُ لِآخَرَ بَعْدَهُ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ، فَالْأَوْلَى اعْتِبَارُ الْوِلَايَةِ بِالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَوْتِ لَا الْحَيَاةِ، بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ، فَإِنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَوْتِ إِجْمَاعًا، وَتَبْطُلُ بِهِ، فَهِيَ ضِدُّ الْوَكَالَةِ بِصِحَّتِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ خَاصَّةً، وَالْوَكَالَةُ لَا تَصِحُّ إِلَّا فِي الْحَيَاةِ، فَهُمَا مُتَضَادَّتَانِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ صِحَّتُهَا فِي الْحَيَاةِ، فَإِذَا انْقَطَعَتْ وِلَايَةُ الْعَاهِدِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَزْلِهِ أَوْ جُنُونِهِ، يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ عَهْدُهُ، كَمَا لَوْ زَالَ مِلْكُ الْمُوصِي عَنِ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ.
١ -
(وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إِلَّا فِي) تَصَرُّفٍ (مَعْلُومٍ) لِيَعْلَمَ الْمُوصَى إِلَيْهِ مَا وُصِّيَ بِهِ إِلَيْهِ لِيَحْفَظَهُ، وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ (يَمْلِكُ الْمُوصِي فِعْلَهُ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَفْرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ بِالْإِذْنِ، فَلَمْ يَجُزْ إِلَّا فِي مَعْلُومٍ يَمْلِكُهُ الْمُوصِي كَالْوَكَالَةِ، وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِالْأَطْفَالِ بَلْ ذُو الْوِلَايَةِ إِذَا أَوْصَى إِلَى مَنْ يَنْظُرُ فِي أَمْرِ أَوْلَادِهِ الْمَجَانِينَ وَمَنْ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُمْ رُشْدٌ، صَحَّ بِأَنْ يَحْفَظَ مَالَهُمْ، وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْأَحَظِّ، فَأَمَّا مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ كَالْعُقَلَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَغَيْرِ أَوْلَادِهِ مِنَ الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ، فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ فِي الْحَيَاةِ.
فَرْعٌ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِحَدٍّ، يَسْتَوْفِيهِ لَهُ لَا لِلْمُوصَى لَهُ (وَإِذَا أَوْصَى إِلَيْهِ فِي شَيْءٍ، لَمْ يَصِرْ وَصِيًّا فِي غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ التَّصَرُّفَ بِالْإِذْنِ مِنْ جِهَتِهِ، فَكَانَ مَقْصُورًا عَلَى مَا أَذِنَ فِيهِ كَالْوَكِيلِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَمْلِكُ الْكُلَّ؛ لِأَنَّهَا، وِلَايَةٌ تَنْتَقِلُ مِنَ الْأَبِ، فَلَا تَتَبَعَّضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute