للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلِلْمُوصِي عَزْلُهُ مَتَى شَاءَ، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إِلَّا أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إِلَّا فِي مَعْلُومٍ يَمْلِكُ الْمُوصِي فِعْلَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَمَنَعَهُ بِذَلِكَ الْإِيصَاءَ إِلَى غَيْرِهِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ، وَحَنْبَلٌ: لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ إِنْ وَجَدَ حَاكِمًا، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ إِذَا لَمْ يُعْلِمْهُ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: إِنْ قَبِلَهَا، ثُمَّ غَيَّرَ الْوَصِيَّةَ فِيهَا، قَالَ: لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا إِذَا غَيَّرَ فِيهَا.

مَسْأَلَةٌ: مَا أَنْفَقَهُ وَصِيٌّ مُتَبَرِّعٌ بِمَعْرُوفٍ فِي ثُبُوتِهَا، فَمِنْ مَالِ يَتِيمٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

(وَلِلْمُوصِي عَزْلُهُ مَتَى شَاءَ) كَالْمُوَكَّلِ (وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ) أَيْ: إِذَا أَطْلَقَ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ قَصَّرَ فِي تَوْلِيَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ التَّفْوِيضُ كَالْوَكِيلِ (إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ) بِأَنْ يَقُولَ: أَذِنْتُ لَكَ أَنْ تُوصِيَ إِلَى مَا شِئْتَ، أَوْ كُلُّ مَنْ أَوْصَيْتَ إِلَيْهِ، فَقَدْ أَوْصَيْتُ إِلَيْهِ، أَوْ هُوَ وَصِيٌّ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَالْوَكِيلِ إِذَا أُمِرَ بِالتَّوْكِيلِ (وَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ) مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْأَبَ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ، فَمَلَكَ الْوَصِيَّةَ كَالْأَبِ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ، فَإِنَّ الْأَبَ يَلِي مِنْ غَيْرِ تَوْلِيَةِ أَحَدٍ، وَحُكِيَ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا: أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلُهُ، وَيَصِحُّ فِيمَا لَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ، وَقِيلَ: إِنْ أُذِنَ لَهُ فِي الْوَصِيَّةِ إِلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، جَازَ وَإِلَّا فَلَا.

تَنْبِيهٌ: إِذَا قَالَ: أَوْصَيْتُ إِلَى زَيْدٍ، فَإِنْ مَاتَ، فَعَمْرٌو، صَحَّ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَصِيًّا إِلَّا أَنَّ عَمْرًا بَعْدَ زَيْدٍ، وَمِثْلُهُ: أَوْصَى إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ تَابَ ابْنِي عَنْ فِسْقِهِ، أَوْ قَدِمَ مِنْ غَيْبَتِهِ، أَوْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ، أَوْ رَشَدَ، صَارَ الثَّانِي وَصِيًّا عِنْدَ الشَّرْطِ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، أَوْ هُوَ وَصِيِّي سَنَةً، ثُمَّ عَمْرٌو لِلْخَبَرِ: «أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ» ، وَالْوَصِيَّةُ كَالتَّأْمِيرِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ لَا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ اسْتِنَابَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَهِيَ كَالْوَكَالَةِ فِي الْحَيَاةِ، وَلِهَذَا هَلْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ، وَيَعْزِلَ مَنْ وَصَّى إِلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ إِلَّا فِي مَعْلُومٍ، وَلِلْمُوصِي عَزْلُهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ كَالْوَكِيلِ، فَلِهَذَا لَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ إِذَا قَالَ الْخَلِيفَةُ: الْإِمَامُ بَعْدِي فُلَانٌ، فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ فِي حَيَاتِي أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ، فَالْخَلِيفَةُ فُلَانٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>