للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِيهَا وَوَلَدُ الْأَبِ كَوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ فِي مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ إِذَا انْفَرَدُوا، فَإِنِ اجْتَمَعُوا، عَادَّ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ الْجَدَّ بِوَلَدِ الْأَبِ، ثُمَّ أَخَذُوا مِنْهُمْ مَا حَصَلَ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أُخْتًا وَاحِدَةً، فَتَأْخُذُ تَمَامَ النِّصْفِ، وَمَا فَضَلَ لَهُمْ وَلَا يَتَّفِقُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَأَنَّ الْأَقْوَالَ خَرَقَتْهَا بِكَثْرَتِهَا، وَتُسَمَّى الْمُسَبَّعَةَ؛ لِأَنَّ فِيهَا سَبْعَةَ أَقْوَالٍ، وَالْمُسَدَّسَةَ؛ لِأَنَّ أَقْوَالَ الصَّحَابَةِ تَرْجِعُ فِيهَا إِلَى سِتَّةٍ، وَالْمُثَلَّثَةَ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ وَمَنْ وَافَقَهُ جَعَلَ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ نِصْفَانِ، وَيُقَالُ لَهَا: الْعُثْمَانِيَّةُ، وَالْمُرَبَّعَةَ؛ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ جَعَلَهَا مِنِ اثْنَيْنِ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْهُ كَقَوْلِ عُمَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ جَعَلَهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُخْتِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ سَهْمٌ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى، وَلَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالسُّدُسِ تَأَدُّبًا، وَلِلْجَدِّ سَهْمَانِ، وَالْمُخَمَّسَةَ؛ لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَزَيْدٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ لَا يُثْبِتُ الرِّوَايَةَ عَنْ غَيْرِ هَؤُلَاءِ، وَالشَّعْبِيَّةَ، وَالْحَجَّاجِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْحَجَّاجَ امْتَحَنَ فِيهَا الشَّعْبِيَّ، فَأَصَابَ فَعَفَا عَنْهُ، فَإِنَّ عُدِمَ الْجَدُّ سُمِّيَتِ الْمُبَاهَلَةَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ بَاهَلَنِي بَاهَلْتُهُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ فِي مَالٍ وَاحِدٍ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا.

١ -

(وَوَلَدُ الْأَبِ كَوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ فِي مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ إِذَا انْفَرَدُوا) لِأَنَّهُمْ يُشَارِكُونَهُمْ فِي بُنُوَّةِ الْأَبِ الَّتِي سَاوَوْا بِهَا الْجَدَّ (فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَادَّ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ الْجَدَّ بِوَلَدِ الْأَبِ) أَيْ: زَاحَمَ بِهِ، وَتُسَمَّى الْمُعَادَةَ (ثُمَّ أَخَذُوا مِنْهُمْ مَا حَصَلَ لَهُمْ) لِأَنَّ الْجَدَّ وَالِدٌ، فَإِذَا حَجَبَهُ أَخَوَانِ وَارِثَانِ، جَازَ أَنْ يَحْجُبَهُ أَخٌ وَارِثٌ وَأَخٌ غَيْرُ وَارِثٍ، كَالْأُمِّ، وَأَنَّ وَلَدَ الْأَبِ يَحْجُبُونَهُ إِذَا انْفَرَدُوا، فَيَحْجُبُونَهُ مَعَ غَيْرِهِمْ كَالْأُمِّ، وَيُفَارِقُ وَلَدُ الْأُمِّ، فَإِنَّ الْجَدَّ يَحْجُبُهُمْ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْجُبُوهُ بِخِلَافِ وَلَدِ الْأَبِ، فَإِنَّ الْجَدَّ لَا يَحْجُبُهُمْ، وَأَمَّا الْأَخُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ، فَإِنَّهُ أَقْوَى تَعْصِيبًا مِنَ الْأَخِ لِلْأَبِ، فَلَا يَرِثُ مَعَهُ شَيْئًا، كَمَا لَوِ انْفَرَدَ عَنِ الْجَدِّ، فَيَأْخُذُ مِيرَاثَهُ، كَمَا لَوِ اجْتَمَعَ ابْنٌ وَابْنُ ابْنٍ، لَا يُقَالُ: الْجَدُّ يَحْجُبُ وَلَدَ الْأُمِّ، وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا إِنَّهُ هُوَ وَالْأُخْوَةُ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ، وَلَمْ يَأْخُذُوا مِيرَاثَهَا؛ لِأَنَّ الْجَدَّ وَوَلَدَ الْأُمِّ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِمْ فِي الْمِيرَاثِ مُخْتَلِفٌ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَنْ يُحْجَبُ، وَلَا يَأْخُذُ مِيرَاثَ الْمَحْجُوبِ، وَهَاهُنَا سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الْأُخْوَةِ الْمِيرَاثَ: الْأُخُوَّةُ وَالْعُصُوبَةُ، فَأَيُّهُمَا قَوِيَ حَجَبَ الْآخَرَ، وَأَخَذَ مِيرَاثَهُ، وَالْمُعَادَةُ إِنَّمَا تَكُونُ إِذَا احْتِيجَ إِلَيْهَا، فَلَوِ اسْتُغْنِيَ عَنْهَا، فَلَا مُعَادَةَ، كَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ مِنْ أَبَوَيْنِ وَأَخٍ مِنْ أَبٍ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أُخْتًا وَاحِدَةً، فَتَأْخُذَ تَمَامَ النِّصْفِ) لِأَنَّ فَرْضَهَا لَا يَزِيدُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>