أُزِيلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ، فَانْفَصَلَ مُتَغَيِّرًا، أَوْ قَبْلَ زَوَالِهَا، فَهُوَ نَجِسٌ، وَإِنِ انْفَصَلَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ بَعْدَ زَوَالِهَا، فَهُوَ طَاهِرٌ إِنْ كَانَ الْمَحَلُّ أَرْضًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْأَرْضِ، فَهُوَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
طَهُورٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ، وَعَنْهُ: كَغَمْسِهِ، وَفَمٌ أَوْ رِجْلٌ كَيَدٍ فِي قَلِيلٍ بَعْدَ نِيَّةِ غُسْلٍ وَاجِبٍ لَا وُضُوءَ، وَفِي " الشَّرْحِ " أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ يَدُهُ نَجِسَةً، وَالْمَاءُ قَلِيلٌ، وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَغْتَرِفُ بِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِفِيهِ، وَيُصَبَّ عَلَى يَدَيْهِ، أَوْ يَغْمِسَ خِرْقَةً، أَوْ غَيْرَهَا فَعَلَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَيَمَّمَ كَيْ لَا يُنَجِّسَ الْمَاءَ، وَيَتَنَجَّسَ بِهِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، وَالْكَافِرِ كَضِدِّهِمْ، وَهُوَ وَجْهٌ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَسْلُبُهُ، اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخَانِ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ " وَذَكَرَ فِي " الشَّرْحِ " أَنَّهُ الصَّحِيحُ، لِأَنَّهُ مَاءٌ لَاقَى أَعْضَاءً طَاهِرَةً، فَكَانَ عَلَى أَصْلِهِ، وَنَهْيُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ غَمْسِ الْيَدِ، إِنْ كَانَ لِوَهْمِ النَّجَاسَةِ فَهُوَ لَا يُزِيلُ الطَّهُورِيَّةَ كَمَا لَا يُزِيلُ الطَّاهِرِيَّةَ، وَإِنْ كَانَ تَعَبُّدًا اقْتُصِرَ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ، وَهُوَ مَشْرُوعِيَّةُ الْغَسْلِ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَفِي ثَالِثَةٍ: هُوَ نَجِسٌ، اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِرَاقَتِهِ فِي خَبَرٍ رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ، وَقَدْ فَصَّلَ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: إِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ غَسْلِهِمَا، فَكَمُسْتَعْمَلٍ فِي رَفْعِ حَدَثٍ، وَإِنْ سُنَّ غَسْلُهُمَا، فَكَمُسْتَعْمَلٍ فِي طَهَارَةٍ مَسْنُونَةٍ.
(وَإِنْ أُزِيلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ فَانْفَصَلَ مُتَغَيِّرًا) فَهُوَ نَجِسٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ، لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَةِ (أَوْ قَبْلَ زَوَالِهَا) يَعْنِي: إِذَا انْفَصَلَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ مَعَ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ، كَالْمُنْفَصِلِ فِي السَّادِسَةِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ (فَهُوَ نَجِسٌ) لِأَنَّهُ مُلَاقٍ لِنَجَاسَةٍ لَمْ يُطَهِّرْهَا. فَكَانَ نَجِسًا أَشْبَهَ مَا لَوْ وَرَدَتْ عَلَيْهِ. وَالْمَحَلُّ الْمُنْفَصِلُ عَنْهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى طَاهِرٌ. صَرَّحَ بِهِ الْآمِدِيُّ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي، وَجَزَمَ فِي " الِانْتِصَارِ " بِنَجَاسَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحُلْوَانِيِّ (وَإِنِ انْفَصَلَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ بَعْدَ زَوَالِهَا) وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، و" الْوَجِيزِ "، وَلَمْ يَبْقَ لِلنَّجَاسَةِ أَثَرٌ (فَهُوَ طَاهِرٌ إِنْ كَانَ الْمَحَلُّ أَرْضًا) نَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَامَ إِلَيْهِ النَّاسُ لِيَقَعُوا بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعُوهُ، وَأَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ» .
أَمَرَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ التَّطْهِيرِ، وَلَوْلَا أَنَّهُ يُطَهِّرُ لَكَانَ تَكْثِيرًا لِلنَّجَاسَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ طَهَارَةُ الْمَحَلِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute