يَدَهُ فِيهِ قَائِمٌ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ قَبْلَ غَسْلِهَا ثَلَاثًا، فَهَلْ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الثَّالِثَةُ: إِذَا انْغَمَسَ جُنُبٌ أَوْ مُحْدِثٌ فِي قَلِيلٍ رَاكِدٍ بِنِيَّةِ رَفْعِ حَدَثِهِ، أَوْ نَوَاهُ بَعْدَ انْغِمَاسِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا، نَصَّ عَلَيْهِ. قِيلَ: بِأَوَّلِ جُزْءٍ لَاقَى مِنْهُ الْمَاءَ كَمَحَلٍّ نَجَسٍ لَاقَاهُ، وَذَلِكَ الْجُزْءُ غَيْرُ مَعْلُومٍ. قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: بِأَوَّلِ جُزْءٍ انْفَصَلَ، كَالْمُتَرَدِّدِ عَلَى الْمَحَلِّ، وَيَتَوَجَّهُ عَلَى الْخِلَافِ مَا لَوِ اغْتَرَفَ مِنْهُ آخَرُ، وَتَوَضَّأَ بِهِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ، وَقِيلَ: لَيْسَ مُسْتَعْمَلًا، وَقِيلَ: يَرْتَفِعُ (أَوْ غَمَسَ يَدَهُ) - وَهِيَ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إِلَى الْكُوعِ، وَقِيلَ: أَوْ بَعْضَهَا - (فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَاءِ إِذَا كَانَ دُونَ قُلَّتَيْنِ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِغَمْسِهَا فِي مَائِعٍ طَاهِرٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ (قَائِمٌ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ قَبْلَ غَسْلِهَا ثَلَاثًا فَهَلْ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا: يَسْلُبُهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَكَثِيرٌ مِنَ الْأَصْحَابِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ: «فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ» .
وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَصَحَّحَهُ: مِنَ اللَّيْلِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ الْوُجُوبُ، وَعَلَيْهَا غَسْلُهُمَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ، وَهَلْ هُوَ تَعَبُّدٌ؛ فَيَجِبُ إِنْ شُدَّتْ يَدُهُ أَوْ جُعِلَتْ فِي جِرَابٍ، أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ مُعَلَّلٌ بِوَهْمِ النَّجَاسَةِ فَلَا يَجِبُ؛ فِيهِ وَجْهَانِ، وَيَتَعَلَّقُ هَذَا الْحُكْمُ بِالنَّوْمِ النَّاقِضِ لِلْوُضُوءِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هُوَ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى بَيْتُوتَةً، بِدَلِيلِ مَا لَوْ دَفَعَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ دَمًا، وَيَنْتَقِضُ بِمَنْ وَافَاهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ، مَعَ كَوْنِهِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِهِ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ نَوْمَ النَّهَارِ لَا أَثَرَ لَهُ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُؤَثِّرُ غَمْسُهَا فِيهِ بَعْدَ غَسْلِهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ: يَكْفِي غَسْلُهَا مَرَّةً. فَعَلَى هَذَا لَا يُؤَثِّرُ غَمْسُهَا فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَفِي وُجُوبِ النِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ لِغَسْلِهِمَا أَوْجُهٌ. ثَالِثُهَا: تَجِبُ النِّيَّةُ فَقَطْ، وَالْمَذْهَبُ لَا فَرْقَ فِي الْغَمْسِ بَعْدَ نِيَّةِ غَسْلِهَا أَوْ قَبْلَهَا، وَقَالَ الْمَجْدُ: إِنَّمَا يُؤَثِّرُ إِذَا كَانَ بَعْدَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ، وَقَبْلَ غَسْلِهِمَا، وَعَلَيْهَا إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ اسْتَعْمَلَهُ وَتَيَمَّمَ مَعَهُ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي شُرْبٍ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، صَحَّحَهُ الْأَزَجِيُّ، لِلْأَمْرِ بِإِرَاقَتِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا حَصَلَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ غَمْسٍ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute