وَالنَّصْرَانِيَّةُ، وَدِينُ سَائِرِهِمْ، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣] وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أديانهم لَمْ يَتَوَارَثُوا، وَعَنْهُ: يَتَوَارَثُونَ، وَلَا يَرِثُ ذِمِّيٌّ حَرْبِيًّا، وَلَا حَرْبِيٌّ ذِمِّيًّا، ذَكَرَهَ الْقَاضِي،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْأَوْثَانِ، فَإِنَّهُمْ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُهُمْ بِأَنَّهُ لَا كِتَابَ لَهُمْ، وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ وَعَطَاءٍ وَجَمْعٍ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَيْئًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّ الْمُوَالَاةَ مُنْقَطِعَةٌ بَيْنَهُمْ، أَشْبَهَ اخْتِلَافَهُمْ بِالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ، وَعَنْهُ: الْكُفْرُ مِلَلٌ مُخْتَلِفَةٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ يَنْفِي تَوَارُثَهُمْ، وَلَمْ نَسْمَعْ عَنْ أَحْمَدَ تَصْرِيحًا بِذِكْرِ انْقِسَامِ الْمِلْكِ، فَعَلَى هَذَا لَا تَوَارُثَ بَيْنَهَا، قَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ": يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِلَلًا كَثِيرَةً، فَتَكُونُ الْمَجُوسِيَّةُ مِلَّةً، وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِلَّةً، وَعُبَّادُ الشَّمْسِ مِلَّةً، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَهُوَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرِيقَيْنِ مِنْهُمْ، لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُمْ، وَلَا اتِّفَاقَ فِي دِينٍ، وَقَوْلُ مَنْ حَصَرَ الْمِلَّةَ بِعَدَمِ الْكِتَابِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ عَدَمِيٌّ، لَا يَقْتَضِي حُكْمًا، وَعَنْهُ: مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، نَقَلَهَا حَرْبٌ، فَعَلَيْهَا يَتَوَارَثُونَ، اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣] عَامٌّ فِي جَمِيعِهِمْ، فَالصَّابِئَةُ، قِيلَ: كَالْيَهُودِ، وَقِيلَ: كَالنَّصَارَى.
(وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَدْيَانُهُمْ لَمْ يَتَوَارَثُوا) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ (وَعَنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute