للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيَّ، فَفَعَلَ، فَالثَّمَنُ عَلَيْهِ، وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ، وَإِنْ قَالَ الْكَافِرُ لِرَجُلٍ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بَعْدَهُ (فَالثَّمَنُ عَلَيْهِ، وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ) لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَنْهُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، فَيُقَدَّرُ ابْتِيَاعُهُ مِنْهُ، ثُمَّ تَوْكِيلُهُ فِي عِتْقِهِ لِيَصِحَّ، أَشْبَهَ مَا لَوِ ابْتَاعَهُ مِنْهُ ثُمَّ وَكَّلَهُ فِي عِتْقِهِ، وَكَإِطْعَامِهِ طَعَامَهُ عَنْهُ وَالْكُسْوَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يُمَلِّكَهُ إِيَّاهُ، فَيُعْتِقَهُ هُوَ، وَنَقَلَهُ مُهَنَّا، وَعَلَى الْأَوَّلِ: يُجْزِئُهُ عَنْ وَاجِبٍ مَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبَهُ، وَيُلْزِمُهُ عِوَضَهُ بِالْتِزَامِهِ، وَعَنْهُ: يُلْزِمُهُ مَا لَمْ يَنْفِهِ، وَعَنْهُ: الْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ لِلْمَسْؤُولِ لَا لِلسَّائِلِ، إِلَّا حَيْثُ الْتَزَمَ الْعِوَضَ، وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنْ كَفَارَتِي، وَلَكَ عَلَيَّ مِائَةٌ، فَأَعْتَقَهُ، عَتَقَ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ، وَيَلْزَمْهُ الْمِائَةُ وَالْوَلَاءُ لَهُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: ثُمَّ قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنِّي بِهَذَا الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، مَلَكَهُ، وَعَتَقَ كَالْهِبَةِ، وَالْمِلْكُ يَقِفُ عَلَى الْقَبْضِ فِي هِبَةٍ بِلَفْظِهَا لَا بِلَفْظِ الْعِتْقِ، بِدَلِيلِ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي، يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ قَبْلَ إِعْتَاقِهِ، وَيَجُوزُ جَعْلُهُ قَابِضًا مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ، كَقَوْلِهِ بِعْتُكَ أَوْ وَهَبْتُكَ هَذَا، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: هُوَ حُرٌّ، عَتَقَ وَقُدِّرَ الْقَبُولُ حُكْمًا.

(وَإِنْ قَالَ: أَعْتِقْهُ، وَالثَّمَنُ عَلَيَّ) أَوْ أَعْتِقُهُ عَنْكَ، وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ (فَفَعَلَ، فَالثَّمَنُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى السَّائِلِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ جُعْلًا عَلَى الْإِعْتَاقِ فَلَزِمَهُ بِالْعَمَلِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: مَنْ بَنَى لِي هَذَا حَائِطًا، فَلَهُ كَذَا، اسْتَحَقَّهُ بِعَمَلِهِ (وَالْوَلَاءُ) وَالْعِتْقُ (لِلْمُعْتِقِ) أَيِ: الْمَسْؤُولِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعْتَاقِهِ عَنْهُ، وَلَا قَصَدَ بِهِ الْمُعْتِقُ ذَلِكَ، فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي صَرْفَهُ إِلَيْهِ، فَيَبْقَى لِلْمَسْؤُولِ عَمَلًا بِالْخَبَرِ، وَيُجْزِئُهُ عَنْ وَاجِبٍ فِي الْأَصَحِّ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: لَا يُجْزِئُ عَنِ الْوَاجِبِ، وَيَقَعُ عَنِ الْعِتْقِ، وَالْوَلَاءُ لِلسَّائِلِ، قَالَ فِي الْمُحَرِّرِ: وَفِيهِ بُعْدٌ.

تَنْبِيهٌ: بَقِيَ هُنَا صُورَتَانِ، الْأُولَى: إِذَا قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنِّي، وَأَطْلَقَ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعِوَضُ، كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ، إِذِ الْغَالِبُ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ الْعِوَضُ، وَيَحْتَمِلُ عَدَمَهُ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامُ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ، الثَّانِي: إِذَا قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنِّي مَجَّانًا، لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِوَضُ بِلَا نِزَاعٍ، وَالْوَلَاءُ وَالْعِتْقُ لِلسَّائِلِ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَمَاعَةٍ.

فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ مُكَاتَبَكَ عَلَى أَلْفٍ، فَفَعَلَ، عَتَقَ، وَلَزِمَ الْقَائِلَ أَلْفٌ، وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ، وَقِيلَ: لِلْقَائِلِ، فَلَوْ قَالَ: اقْبَلْهُ عَلَى دِرْهَمٍ، فَلَغْوٌ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ.

(وَإِنْ قَالَ الْكَافِرُ لِرَجُلٍ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ الْمُسْلِمَ عَنِّي، وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ، فَفَعَلَ، فَهَلْ يَصِحُّ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>