الْمُسْلِمَ عَنِّي، وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ، فَفَعَلَ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا يُبَايِنُهُ فِي دِينِهِ، فَلَهُ وَلَاؤُهُ، وَهَلْ يَرِثُ بِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا: لَا يَرِثُ، لَكِنْ إِنْ كَانَ لَهُ عَصَبَةٌ عَلَى دِينِ الْمُعْتَقِ، وَرِثَهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ مِنْهُمَا، وَرِثَ الْمُعْتِقُ رِوَايَةً وَاحِدَةً.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، أَحَدُهُمَا: وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ: أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ زَمَنًا يَسِيرًا، فَاغْتُفِرَ هَذَا الضَّرَرُ الْيَسِيرُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ الْحُرِّيَّةِ لِلْأَبَدِ، وَهُوَ نَفْعٌ عَظِيمٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَهَيِّئًا لِلطَّاعَاتِ، وَإِكْمَالِ الْقُرُبَاتِ، وَحِينَئِذٍ الْوَلَاءُ لِلْكَافِرِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ، وَلَا يُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ الصِّحَّةِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ الْمُقَدَّرِ، وَهُوَ كَالْمُحَقَّقِ، وَثُبُوتُ الْمُحَقَّقِ مَنْفِيٌّ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الصِّغَارِ، فَكَذَلِكَ ثُبُوتُ مَا يُشْبِهُهُ، وَحَكَاهُمَا فِي الرِّعَايَةِ رِوَايَتَيْنِ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا يُبَايِنُهُ فِي دِينِهِ، فَلَهُ وَلَاؤُهُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مُعْتِقٌ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ، وَبِالْعَكْسِ، (وَهَلْ يَرِثُ بِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا: لَا يَرِثُ) وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَهُوَ أَصَحُّ فِي الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ؛ لِخَبَرِ أُسَامَةَ: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» وَلِأَنَّهُ مِيرَاثٌ، فَمَنَعَهُ اخْتِلَافُ الدِّينِ كَمِيرَاثِ النَّسَبِ، وَالْمِيرَاثُ بِالنَّسَبِ أَقْوَى، فَإِذَا مُنِعَ الْأَقْوَى، فَالْأَضْعَفُ أَوْلَى، وَالثَّانِيَةُ: يَرِثُهُ، رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَوْلِ عَلِيٍّ: الْوَلَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الرِّقِّ، فَلَمْ يَضُرَّ تَبَايُنُ الدِّينِ، بِخِلَافِ الْإِرْثِ بِالنَّسَبِ (لَكِنْ) أَيْ: عَلَى الْأُولَى (إِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ: لِلسَّيِّدِ (عَصَبَةٌ عَلَى دِينِ الْمُعْتَقِ) بِفَتْحِ التَّاءِ (وَرِثَهُ) أَيْ: الْعَصَبَةُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ مِنَ الْعَصَبَةِ مُخَالِفًا لِدِينِ الْمَيِّتِ، وَالْأَبْعَدُ عَلَى دِينِهِ (وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنَ السَّيِّدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute