للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْتَقَهُ شَرِيكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ فِيهِ عِتْقٌ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يعتق إِلَّا نَصِيبهُ، وَيَبْقَى حَقُّ شَرِيكِهِ فِيهِ، وَعَنْهُ: يُعْتَقُ كُلُّهُ، وَيَسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ بَاقِيهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ لِثَلَاثَةٍ، لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهُ، وَلِآخَرِ ثُلُثُهُ، وَلِلثَّالِثِ سُدُسُهُ، فَأَعْتَقَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَصَاحِبُ السُّدُسِ مَعًا، وَهُمَا مُوسِرَانِ، عَتَقَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقِيلَ: يُعْتَقُ بِدَفْعِ قِيمَتِهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فَلَوْ أَعْتَقَ شَرِيكَهُ قَبْلَهَا، فَوَجْهَانِ، وَلَهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ، قَالَهُ أَحْمَدُ، لَا قِيمَةُ النِّصْفِ، وَهَلْ يُقَوَّمُ كَامِلًا وَلَا عِتْقَ فِيهِ أَوْ قَدْ عَتَقَ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، الْأَوَّلُ: قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، لِظَاهِرِ الْخَبَرِ.

(وَإِنْ أَعْتَقَهُ شَرِيكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ) وَقَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ (لَمْ يَثْبُتْ لَهُ فِيهِ عِتْقٌ) فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ، لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، وَلِأَنَّهُ قَدْ صَارَ حُرًّا بِعِتْقِ الْأَوَّلِ لَهُ، وَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ إِلَّا بَعْدَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، لَمْ يُعْتِقْ إِلَّا نَصِيبَهُ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ (وَيَبْقَى حَقُّ شَرِيكِهِ فِيهِ) أَيْ: بَاقٍ عَلَى الرِّقِّ، فَإِذَا أَعْتَقَهُ شَرِيكُهُ، عَتَقَ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَرُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ، فَكَانَ يُشَاهِرُهُ، شَهْرَ عَبْدٍ، وَشَهْرَ حُرٍّ (وَعَنْهُ: يُعْتَقُ كُلُّهُ، وَيَسْتَسْعِى الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ بَاقِيهِ، غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ) نَصَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الجوزي والشيخ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَهُ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَيْهِ، فَاسْتَسْعَى بِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ بِهَا إِقْرَارَ حَقِّهِ خَرَجَ عَنْ يَدِهِ، فَيَسْتَسْعِي الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ ; لِأَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَحْرَارِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ; لِأَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ إِعْتَاقٌ بِعِوَضٍ، فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، كَالْكِتَابَةِ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَدْ طَعَنَ بِهِ الْأَئِمَّةُ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَيْسَ فِي الِاسْتِسْعَاءِ شَيْءٌ يَثْبُتُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَأَمَّا هِشَامٌ وَشُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ، فَلَمْ يَذْكُرُوهُ، وَقَدْ ذَكَرَ هَمَّامٌ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي قَتَادَةَ وَفُتْيَاهُ.

فَرْعٌ: يُعْتَقُ عَلَى الْمُوسِرِ بِبَعْضِهِ بِقَدْرِهِ فِي الْمَنْصُوصِ.

(وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ لِثَلَاثَةٍ، لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهُ، وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ، وَلِلثَّالِثِ سُدُسُهُ، فَأَعْتَقَ صَاحِبُ النِّصْفِ، وَصَاحِبُ السُّدُسِ مَعًا) بِأَنْ تَلَفَّظَا بِالْعِتْقِ مَعًا، أَوْ عَلَّقَاهُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ وَكَلَّا لِشَخْصٍ فِي عِتْقِهِ (وَهُمَا مُوسِرَانِ) لِاخْتِصَاصِهِ بِالسِّرَايَةِ (عَتَقَ عَلَيْهِمَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>