للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، فَدَخَلَهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا، وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ قَالَ: إِنْ مَلَكْتُ فُلَانًا، فَهُوَ حُرٌّ، أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ، فَهُوَ حُرٌّ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَإِنْ قَالَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يُعْتَقُ إِذَا وُجِدَتِ الصِّفَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ أَبِي مُوسَى ; لِأَنَّ صِحَّةَ التَّعْلِيقِ تُوجِبُ وُقُوعَ الْعِتْقِ عِنْدَ شَرْطِهِ ضَرُورَةً، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَبْلَ الْعِتْقِ مِلْكًا لِلْوَارِثِ، وَكَسْبُهُ لَهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ، وَعَلَى الْأُولَى، لَا يَمْلِكُ الْوَرَثَةُ بَيْعَهُ قَبْلَ فِعْلِهِ كَمُوصًى بِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ (وَإِنْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتَهَا، فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، فَدَخَلَهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، صَارَ مُدَبَّرًا) لِأَنَّهُ وُجِدَ شَرْطُ التَّدْبِيرِ، وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: إِذَا لَمْ يَدْخُلْهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ ; لِأَنَّهُ جَعَلَ ظَرْفًا لِوُقُوعِ الْحُرِّيَّةِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي سَبْقَ دُخُولِ الدَّارِ فِي الْحَيَاةِ، وَأَنَّهُ لِلشَّرْطِ، إِذِ الشَّرْطُ لَا بُدَّ مِنْ سَبْقِهِ الْجَزَاءَ (فَإِنْ قَالَ) الْحُرُّ (إِنْ مَلَكْتُ فُلَانًا، فَهُوَ حُرٌّ، أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ، فَهُوَ حُرٌّ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ، وَلَا يُعْتَقُ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَخَلْقٍ، وَفِي الْمُغْنِي: هِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «لَا عِتْقَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا طَلَاقَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَهُوَ أَحْسَنُ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَنْجِيزَ الْعِتْقِ، فَلَمْ يَمْلِكْ تَعْلِيقَهُ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَالثَّانِيَةُ: يُعْتَقُ إِذَا مَلَكَهُ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَاخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ; لِأَنَّ الْعِتْقَ مَقْصُودٌ مِنَ الْمِلْكِ، وَالنِّكَاحُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ لِلَّهِ، وَلَا فِيهِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلِأَنَّهُ أَضَافَ الْعِتْقَ إِلَى حَالٍ مَلَكَ عِتْقَهُ فِيهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي مِلْكِهِ (وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>