الْعَبْدُ، لَمْ يَصِحَّ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: آخِرُ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ، فَهُوَ حُرٌّ، وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الصِّفَةِ، فَمَلَكَ عَبِيدًا، ثُمَّ مَاتَ، فَآخِرُهُمْ حُرٌّ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ، أَوْ كَسْبِهِ لَهُ، وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: آخِرُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ، فَهُوَ حُرٌّ، فَوَلَدَتْ حَيًّا، ثُمَّ مَيِّتًا لم يُعْتَقُ الْأَوَّلُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَهُ الْعَبْدُ، لَمْ يَصِحَّ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ) لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْعِتْقُ حِينَ التَّعْلِيقِ ; لِكَوْنِهِ لَا يَمْلِكُ، وَإِنْ مَلَكَ، فَهُوَ مِلْكٌ ضَعِيفٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَلِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْحُرِّ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَتَقَ، وَمَلَكَ: عَتَقَ كَالْحُرِّ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ الْحُرُّ: أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ، فَهُوَ حُرٌّ، انْبَنَى عَلَى الْعِتْقِ، قَبْلَ الْمِلْكِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ بَعْدَ وَاحِدٍ شَيْئًا، فَوَجْهَانِ، وَإِنْ مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا، فَقِيلَ بِعِتْقِهِمَا ; لِأَنَّ الْأَوَّلِيَّةَ وُجِدَتْ فِيهِمَا جَمِيعًا، كَالْمُسَابَقَةِ، وَعَكْسِهِ، وَقِيلَ: وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ قَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَنَقَلَهُ مُهَنَّا فِي أَوَّلِ غُلَامٍ أَوِ امْرَأَةٍ تَطْلُعُ، فَهُوَ حُرٌّ، أَوْ طَالِقٌ، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ لَفْظَهَا: أَوَّلُ مَنْ يَطْلُعُ مِنْ عَبِيدِي.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ لِعَبْدِ غَيْرِهِ: إِنْ كَلَّمْتُكَ، فَأَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ مَلَكَهُ، ثُمَّ كَلَّمَهُ، لَمْ يُعْتَقْ.
(وَإِنْ قَالَ: آخِرُ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ، فَهُوَ حُرٌّ، وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الصِّفَةِ) أَيْ: صِحَّةِ التَّعْلِيقِ ; لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ عُلِّقَتْ عَلَى الِاتِّصَافِ بِالْآخِرِيَّةِ، وَقَدْ وُجِدَتْ فِي الْآخِرِ (فَمَلَكَ عَبِيدًا، ثُمَّ مَاتَ، فَآخِرُهُمْ حُرٌّ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ) لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ حُرًّا حِينَ مَلَكَهُ، وَيَكُونُ (أَوْ كَسْبُهُ لَهُ) وَإِنْ كَانَ أَمَةً، كَانَ أَوْلَادُهَا أَحْرَارًا مِنْ حِينِ وَلَدَتْهُمْ ; لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ حُرَّةٍ، وَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا، فَعَلَيْهِ مَهْرُهَا ; لِأَنَّهُ وَطِئَ حُرَّةً أَجْنَبِيَّةً، وَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا إِذَا اشْتَرَاهَا، حَتَّى يَشْتَرِيَ غَيْرَهَا ; لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَشْتَرِ بَعْدَهَا غَيْرَهَا، فَهِيَ آخِرٌ فِي الْحَالِ، فَإِنْ مَلَكَ اثْنَتَيْنِ، فَكَأَوَّلٍ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ لِعَبْدِ غَيْرِهِ: أَنْتَ حُرٌّ مِنْ مَالِي أَوْ فِي مَالِي، لَمْ يُعْتَقْ، وَإِنْ رَضِيَ سَيِّدُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: كُلُّ مَوْلُودٍ تَلِدِينَهُ، فَهُوَ حُرٌّ، عَتَقَ كُلُّ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ فِي قَوْلِ الْعَامَّةِ، فَإِنْ بَاعَهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ، لَمْ يُعْتَقْ وَلَدُهَا لِوِلَادَتِهَا لَهُ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ.
(وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: آخِرُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ، فَهُوَ حُرٌّ، فَوَلَدَتْ حَيًّا ثُمَّ مَيِّتًا، لَمْ يُعْتَقِ الْأَوَّلُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute