خاصة، وما ولدت المدبرة بعد تدبيرها، فهو بمنزلتها ولا يتبعها ولدها من قبل
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْبَيْعُ، كَقَوْلِهِ: إِنْ دَخَلَتُ الدَّارَ، فَأَنْتَ حُرٌّ، وَخَبَرُهُمْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ ; لِأَنَّ عِتْقَهَا ثَبَتَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ سَيِّدِهَا، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ، أَوْ دَبَّرَ الْحَمْلَ، ثُمَّ بَاعَ أَمَتَهُ، فَكَاسْتِثْنَائِهِ فِي الْبَيْعِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَفِي الرَّوْضَةِ: لَهُ بَيْعُ الْعَبْدِ فِي الدَّيْنِ، وَفِي بَيْعِهَا فِيهِ رِوَايَتَانِ، (وَمَا وَلَدَتِ الْمُدَبَّرَةُ بَعْدَ تَدْبِيرِهَا، فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهَا) الْوَلَدُ الْحَادِثُ بَعْدُ التدبير لَا يَخْلُو مِنْ حَالَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا حَالَ تَدْبِيرِهَا، وَيَعْلَمُ ذَلِكَ، بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِهِ، فَيَدْخُلَ مَعَهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا، فَإِنْ بَطَلَ التدبير فِي الْأُمِّ، لَمْ يَبْطُلْ فِي وَلَدِهَا ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَصْلًا.
الثَّانِي: أَنْ تَحْمِلَ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ، فَهُوَ يَتْبَعُ أُمَّهُ مُطْلَقًا، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْهُ: أَنَّ وَلَدَهَا عَبْدٌ إِذَا لَمْ يَشْرُطِ الْوَلِيُّ، فَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا، وَلَا تُعْتَقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا، وَلِأَنَّ عِتْقَهَا مُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ، أَشْبَهَ مَنْ عُلِّقَ عِتْقُهَا بِدُخُولِ الدَّارِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; لِقَوْلِ عُمَرَ وَابْنِهِ وَجَابِرٍ: إِنَّ وَلَدَهَا بِمَنْزِلَتِهَا، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّ الْأُمَّ اسْتَحَقَّتِ الْحَرِيَّةَ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا، فَيَتْبَعُهَا وَلَدُهَا كَأُمِّ الْوَلَدِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ بَطَلَ التَّدْبِيرُ فِي الْأُمِّ لِمَعْنًى اخْتَصَّ بِهَا فَقَطْ، فَإِنْ لَمْ يَتْبَعِ الثُّلُثَ لَهُمَا جَمِيعًا، أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا (وَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا مِنْ قِبَلِ التَّدْبِيرِ) عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ وَلَا فِي الِاسْتِيلَادِ، فَفِي التَّدْبِيرِ أَوْلَى، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ، أَنَّ حَنْبَلًا نَقَلَ عَنْ عمه فِي الرَّجُلِ يُدَبِّرُ الْجَارِيَةَ وَلَهَا وَلَدٌ، قَالَ: وَلَدُهَا مَعَهَا، وَحَمَلَهَا الْمُؤَلِّفُ عَلَى الْوَلَدِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلَامَيْهِ، وَعُلِمَ أَنَّ وَلَدَ الْمُدَبَّرِ لَا يَتْبَعُ أَبَاهُ مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ الْوَلَدَ إِنَّمَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، وَعَنْهُ - وَهِيَ ظَاهِرُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ -: الْجَزْمُ بِهَا فِي وَلَدِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute