للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا أَدَّيْتَ إِلَيَّ، فَأَنْتَ حُرٌّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشْتَرَطَ قَوْلُهُ أَوْ نِيَّتُهُ، وَلَا تَصِحُّ إِلَّا عَلَى عِوَضٍ مَعْلُومٍ مُنَجَّمٍ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا، يَعْلَمُ قَدْر مَا يُؤَدّي فِي كُلِّ نَجْمٍ، وَقِيلَ: تَصِحُّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَرْعٌ: وَإِذَا كَاتَبَ الذِّمِّيُّ عَبْدَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَا، صَحَّ ; لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، أَوْ عِتْقٌ بِصِفَةٍ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، وَإِنْ أَسْلَمَ مُكَاتَبُ الذِّمِّيِّ، لَمْ تَنْفَسِخِ الْكِتَابَةُ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إِزَالَةِ مِلْكِهِ، فَإِنْ عَجَزَ، أُجْبِرَ، فَإِنِ اشْتَرَى مُسْلِمًا وَكَاتَبَهُ، لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ ; لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ، وَقَالَ الْقَاضِي: تَصِحُّ، وَإِنْ دَبَّرَهُ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَاتَبَ الذِّمِّيُّ عَبْدَهُ الَّذِي أَسْلَمَ فِي يَدِهِ، صَحَّ، وَإِنْ كَاتَبَ الْحَرْبِيُّ عَبْدَهُ، صَحَّ، سَوَاءٌ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ: لَا ; لِأَنَّ مِلْكَهُ نَاقِصٌ، وَجَوَابُهُ قَوْله تَعَالَى {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ} [الأحزاب: ٢٧] وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ تَقْتَضِي صِحَّةَ أَمْلَاكِهِمْ، فَتَقْتَضِي صِحَّةَ تَصَرُّفَاتِهِمْ (وَلَا تَصِحُّ إِلَّا بِالْقَوْلِ) لِأَنَّهَا إِمَّا بَيْعٌ، وَإِمَّا تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ عَلَى الْأَدَاءِ، وَكَلَاهُمَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْقَوْلُ (وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ: كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا) لِأَنَّهُ لَفْظُهَا الْمَوْضُوعُ لَهَا، فَانْعَقَدَتْ بِهِ كَلَفْظِ النِّكَاحِ، وَيُشْتَرَطُ مَعَهُ قَبُولُهُ، ذَكَرَهُ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهَا (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) ذَلِكَ، بَلْ قَالَ (فَإِذَا أَدَّيْتَ إِلَيَّ، فَأَنْتَ حُرٌّ) لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْكِتَابَةِ، فَانْعَقَدَ بِهِ كَصَرِيحِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشْتَرَطَ قَوْلُهُ) هَذَا وَجْهٌ فِي التَّرْغِيبِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمُوجَزِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَقِيلَ: (أَوْ نِيَّتُهُ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِي الْمَعْنَى تَعْلِيقُ الْعِتْقِ عَلَى الْأَدَاءِ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّلَفُّظِ بِهِ أَوْ نِيَّتِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ فِي الصِّحَّةِ، فَإِنْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ، اعْتُبِرَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءوسِ الْمَسَائِلِ: مِنَ الْكُلِّ ; لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَالْبَيْعِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى (وَلَا تَصِحُّ إِلَّا عَلَى عِوَضٍ) مُبَاحٍ (مَعْلُومٍ مُنَجَّمٍ نَجْمَيْنِ) لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَالْبَيْعِ، وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا ; لِأَنَّ جَعْلَهُ حَالًّا يُفْضِي إِلَى الْعَجْزِ عَنْ أَدَائِهِ، وَفُسِخَ الْعَقْدُ، مَعَ أَنَّ جَمَاعَةَ الصَّحَابَةِ عَقَدُوهَا كَذَلِكَ، وَلَوْ جَازَتْ حَالَّةً لَفُعِلَ (فَصَاعِدًا) قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: نَجْمٌ وَاحِدٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: نَجْمَانِ، وَنَجْمَانِ أَحَبُّ إِلَيَّ، فَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ نَجْمَيْنِ ; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>