للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ، عَتَقَ، وَمَا فَضُلَ فِي يَدِهِ، فَهُوَ لَهُ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ إِذَا مَلَكَ مَا يُؤَدِّي صَارَ حُرًّا، وَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ، كَانَ مَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْعِوَضِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي الْخِدْمَةِ، فَإِنْ كَاتَبَهُ فِي الشَّهْرِ الْقَابِلِ، صَحَّ، كَالْمُحَرَّمِ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَلَوْ قَدَّمَهَا فَأَوَّلَهَا عَقِيبَ الْعَقْدِ مَعَ الْإِطْلَاقِ، وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ، وَمَحَلُّهُ سَلْخُ الشَّهْرِ، أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ عَيَّنَاهُ وَجْهَانِ، لِاتِّحَادِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ شَرَطَهُ بَعْدَ الشَّهْرِ بِيَوْمٍ أَوْ أَكَثُرَ، صَحَّ، وَإِنْ شَرَطَهُ حَالًّا فَلَا (وَإِذَا أَدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ) فَقَبَضَهُ هُوَ أَوْ وَلِيٌّ مَجْنُونٌ، وَلَوْ مِنْ مَجْنُونٍ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ (أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ) وَالْأَصَحُّ: أَوْ بَعْضِ وَرَثَتِهِ الْمُوسِرِ مِنْ حَقِّهِ (عَتَقَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَا يُعْتَقُ قَبْلَ أَدَاءِ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا، قَالَ: «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، دَلَّ بِمَنْطُوقِهِ: أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ كِتَابَتِهِ، وَبِمَفْهُومِهِ: أَنَّهُ إِذَا أَدَّاهَا لَا يَبْقَى عَبْدًا (وَمَا فَضُلَ فِي يَدِهِ فَهُوَ لَهُ) لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ قَبْلَ الْعِتْقِ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ إِذَا مَلَكَ مَا يُؤَدِّي صَارَ حُرًّا) لِمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ لَهُ مَا يُؤَدِّي، فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ نَبْهَانَ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، فَأَمَرَهُنَّ بِالْحِجَابِ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ لِمَا يُؤَدِّيهِ، وَلِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَالِ الْكِتَابَةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَدَّاهُ (وَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ) أَيْ: إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الْأَدَاءِ، أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْحَالَّةِ الْقَادِرِ عَلَيْهَا، فَإِنْ هَلَكَ مَا فِي يَدِهِ قَبْلَ أَدَائِهِ، صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ مَعَ حُرِّيَّتِهِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِعِوَضٍ، فَلَمْ يُعْتَقْ قَبْلَ الْأَدَاءِ، كَمَا لَوْ قَالَ: إِذَا أَدَّيْتَ إِلَيَّ أَلْفًا، فَعَلَيْهَا: إِنْ أَدَّى عَتَقَ، وَقِيمَتُهُ لِسَيِّدِهِ عَلَى قَاتِلِهِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ، لَمْ يُعْتَقْ، وَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْأَدَاءِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُؤَدِّيهُ الْإِمَامُ عَنْهُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَجْزًا، وَلَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ الْفَسْخَ فِي الْأَصَحِّ، وَيَمْلِكُ تَعْجِيزَ نَفْسِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>