للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ مُكَاتَبِهِ ثُمَّ مَاتَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْفَسِخَ حَتَّى يَعْجِزَ، وَيَجِبَ عَلَى سَيِّدِهِ أَنْ يُؤْتِيَهُ بِرُبُعِ مَالِ الْكِتَابَةِ إِنْ شَاءَ وَضَعَهُ مِنْهُ، وَإِنْ شَاءَ قَبَضَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ سَقَطَ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ (وَلَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ مُكَاتَبِهِ) بِرِضَاهَا (ثُمَّ مَاتَ) السَّيِّدُ أَوْ وَرِثَ زَوْجَتَهُ الْمُكَاتَبَةَ (انْفَسَخَ النِّكَاحُ) عَلَى الْمَذْهَبِ فَيُعَايَا بِهَا ; لِأَنَّ زَوْجَتَهُ تَمْلِكُهُ أَوْ تَمْلِكُ سَهْمًا مِنْهُ، فَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا كَمَا لَوِ اشْتَرَتْهُ، وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ أُمُورٍ أَحَدُهَا: أَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَثَانِيهَا: أَنْ يُزَوِّجَهَا بِإِذْنِهَا، وَثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ وَارِثَهُ، فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافُ دِينٍ أَوْ كَاتَبَ قَاتِلَهُ، فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ ; لِأَنَّهَا مَا مَلَكَتْهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْفَسِخَ حَتَّى يَعْجِزَ) لِأَنَّهَا لَا تَرِثُهُ، وَإِنَّمَا تَمْلِكُ نَصِيبَهَا مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ، وَفِي الِانْتِصَارِ نَصَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ انْتِقَالَ مَا يُقَابِلُهُ إِلَى الْوَرَثَةِ، فَعَلَى هَذِهِ الْوَصِيَّةِ بِمُعَيَّنٍ، وَالْكِتَابَةُ تَمْنَعُ الِانْتِقَالَ، فَلَا فَسْخَ، وَعَلَى رِوَايَةٍ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ، فَتَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ، وَالْحُكْمُ فِي سَائِرِ النِّسَاءِ كَالْحُكْمِ فِي الْبِنْتِ (وَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنْ يُؤْتِيَهُ) شَيْئًا مِمَّا كُوتِبَ عَلَيْهِ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُرَادُ إِعْطَاؤُهُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَاخْتَلَفَ مُوجِبُهُ، فَقَدَّرَهَا إِمَامُنَا (بِرُبُعِ مَالِ الْكِتَابَةِ) رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا، وَرُوِيَ مَوْقُوفًا، وَأَوْجَبَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ مَا اخْتَارَهُ السَّيِّدُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُقَدِّرُهُ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ كَالْمُتْعَةِ (إِنْ شَاءَ وَضَعَهُ عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ قَبَضَهُ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّخْفِيفُ عَنِ الْمُكَاتَبِ، وَلِأَنَّهُ أَبْلُغُ فِي النُّصْحِ وَأَعُونُ عَلَى حُصُولِ الْعِتْقِ، فَيَكُونَ أَفْضَلَ مِنَ الْإِيتَاءِ، وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ رِوَايَةٌ وَقَدَّمَهَا: لَا يَجِبُ إِيتَاءُ الرُّبُعِ، وَالْأَمْرُ فِي الْآيَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ، فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ إِنْ أَعْطَاهُ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِهِ، جَازَ، وَيَلْزَمُهُ قَبُولُهَا، وَقِيلَ: لَا، وَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، جَازَ لَهُ أَخْذُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْأَشْهَرِ، وَوَقْتُ الْوُجُوبِ حِينَ الْعِتْقِ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>