للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَزْوِيجُ إِمَائِهِ الْأَبْكَارِ وَالثَّيِّبِ، وَعَبِيدِهِ الصِّغَارِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، وَلَا يَمْلِكُ إِجْبَارَ عَبْدِهِ الْكَبِيرِ، وَيُحْتَمَلُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الصَّغِيرِ أَيْضًا. وَلَا يَجُوزُ لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ تَزْوِيجُ كَبِيرَةٍ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

«لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ» رَوَاهُمَا النَّسَائِيُّ ; وَلِأَنَّهَا عَالِمَةٌ بِالْمَقْصُودِ مِنَ النِّكَاحِ، فَلَمْ يَجُزْ إِجْبَارُهَا عَلَيْهِ كَالرَّجُلِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا نِسْوَةً ثِقَاتٍ يَنْظُرْنَ مَا فِي نَفْسِهَا، وَالْأُمُّ بِذَلِكَ أَوْلَى.

(وَالسَّيِّدُ لَهُ تَزْوِيجُ إِمَائِهِ الْأَبْكَارِ، وَالثَّيِّبِ، وَعَبِيدِهِ الصِّغَارِ، بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ) وَفِيهِ مَسَائِلُ، الْأُولَى: أَنَّ السَّيِّدَ لَهُ تَزْوِيجُ إِمَائِهِ الْأَبْكَارِ بِغَيْرِ إِذْنِهِنَّ، هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَجْزُومُ بِهِ ; لِأَنَّ النِّكَاحَ عُقِدَ عَلَى مَنْفَعَتِهَا وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ، أَشْبَهَتِ الْإِجَارَةَ، وَنَقَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ سُئِلَ: هَلْ يُزَوِّجُ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ مِنْ غُلَامِهِ بِغَيْرِ مَهْرٍ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي إِلَّا بِمَهْرٍ وَشُهُودٍ، قِيلَ: فَإِنْ أَبَتْ؛ قَالَ: يُزَوِّجُهَا السَّيِّدُ بِإِذْنِهَا، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُجْبِرُ الْأَمَةَ الْكَبِيرَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ لَيْسَتْ بِمَالٍ ; بِدَلِيلِ الْمُعْسِرَةِ لَا تُلْزَمُ بِالتَّزَوُّجِ، وَلَا تُضْمَنُ بِالْيَدِ اتِّفَاقًا، وَمِلْكُ السَّيِّدِ لَهَا كَمِلْكِهِ لِمَنْفَعَةِ بُضْعِ زَوْجَتِهِ، وَظَاهِرُ الْأَوَّلِ يَشْمَلُ الْمُدَبَّرَةَ وَالْمُعَلَّقَ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ وَأُمَّ الْوَلَدِ ; لِمُسَاوَاتِهِنَّ لِلْأَمَةِ، وَفِي مِلْكِهِ إِجْبَارُ الْمُكَاتَبَةِ وَجْهَانِ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهَا حُرًّا لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلَا إِنْكَاحَهَا وَحْدَهُ، وَيُعْتَبَرُ إِذْنُهَا وَإِذْنُ مَالِكِ الْبَقِيَّةِ كَأَمَةٍ لِاثْنَيْنِ، وَيَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا: زَوَّجْتُكَهَا.

الثَّانِيَةُ (أن السيد له تزويج عبده الصغير بغير إذنه) وَهِيَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ: إِنَّ لَهُ إِجْبَارَهُ قِيَاسًا عَلَى الِابْنِ الصَّغِيرِ، بَلْ أَوْلَى ; لِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ عَلَيْهِ، وقال أبو الخطاب: يحتمل أن لا يملك تزويجه. (وَلَا يَمْلِكُ إِجْبَارَ عَبْدِهِ الْكَبِيرِ) ; لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهِ، فَلَمْ يَمْلِكْ إِجْبَارَهُ عَلَيْهِ كَالطَّلَاقِ (وَيُحْتَمَلُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الصَّغِيرِ أَيْضًا) هَذَا وَجْهٌ حَكَاهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>