إِلَّا بِإِذْنِهَا، إِلَّا الْمَجْنُونَةَ لَهُمْ تَزْوِيجُهَا إِذَا ظَهَرَ مِنْهَا الْمَيْلُ إِلَى الرِّجَالِ، وَعَنْهُ: لَهُمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الِانْتِصَارِ " كَالْكَبِيرِ، وَالْمَذْهَبُ: إِجْبَارُهُ كَالْمَجْنُونِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، وَالْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى السَّيِّدِ مُطْلَقًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ.
(وَلَا يَجُوزُ لِسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ) كَالْجَدِّ وَالْأَخِ، وَنَحْوِهِمَا (تَزْوِيجُ كَبِيرَةٍ إِلَّا بِإِذْنِهَا) لِأَنَّ غَيْرَ الْأَبِ لَا يُسَاوِيهِ، وَفِي تَزْوِيجِ الْأَبِ الْكَبِيرَةَ الْبَالِغَةَ خِلَافٌ، فَلَزِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ - قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّ الْجَدَّ كَالْأَبِ، يُجْبِرُ (إِلَّا الْمَجْنُونَةَ) فِي اخْتِيَارِ أَبِي الْخَطَّابِ وَالشَّيْخَيْنِ (لَهُمْ تَزْوِيجُهَا إِذَا ظَهَرَ مِنْهَا الْمَيْلُ إِلَى الرِّجَالِ) ; لِحَاجَتِهَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّهْوَةِ، وَصِيَانَتِهَا عَنِ الْفُجُورِ، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَحَاكِمٍ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي " الْمُغْنِي ": يَنْبَغِي أَنْ تُزَوَّجَ إِذَا قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ: تَزُولُ عِلَّتُهَا بِالتَّزْوِيجِ كَالشَّهْوَةِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ مَصَالِحِهَا، وَقِيلَ - وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ -: لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ ; لِأَنَّ هَذِهِ وِلَايَةُ إِجْبَارٍ، فَلَا تَثْبُتُ لِغَيْرِ الْأَبِ، كَالْعَاقِلَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُوصَى لَهُ فِي النِّكَاحِ، أَمَّا مَعَ وُجُودِهِ، فَحُكْمُهُ كَالْأَبِ (وَلَيْسَ لَهُمْ وِلَايَةُ تَزْوِيجِ صَغِيرَةٍ بِحَالٍ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ ; لِمَا رُوِيَ «أَنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ زَوَّجَ ابْنَةَ أَخِيهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَرُفِعَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّهَا يَتِيمَةٌ، وَلَا تُنْكَحُ إِلَّا بِإِذْنِهَا» ، وَالصَّغِيرَةُ لَا إِذْنَ لَهَا كَمَالٍ (وَعَنْهُ: لَهُمْ ذَلِكَ) ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] دَلَّتْ بِمَفْهُومِهَا أَنَّ تَزْوِيجَهَا إِذَا أَقْسَطُوا جَائِزٌ، وَقَدْ فَسَّرَتْهُ عَائِشَةُ بِذَلِكَ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": كَحَاكِمٍ، وَلَعَلَّهُ كَالْأَبِ، بَلْ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " و" الرِّعَايَةِ " مَا يُخَالِفُهُ، وَذَكَرَ فِي " الْمُجَرَّدِ ": لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجُهُ ; لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا عِنْدَ عَدَمِهِمْ ; بِدَلِيلِ مَا نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ، أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ صَبِيَّةٍ بِنْتِ ثَمَانِ سِنِينَ، مَاتَ أَبُوهَا، وَيُرِيدُ الْعُصْبَةُ أَنْ يُزَوِّجُوهَا، قَالَ: لَا أَرَى أَنْ تُسْتَأْمَرَ، وَلَا يُزَوِّجُهَا إِلَّا عَمٌّ، أَوِ ابْنُ عَمٍّ، أَوْ عُصْبَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ، فَعَلَى هَذَا يُفِيدُ الْحِلَّ، وَبَقِيَّةُ أَحْكَامِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ مِنَ الْإِرْثِ وَنَحْوِهُ، وَفِي " الْفُصُولِ ": لَا، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ فِي يَتِيمَةٍ زُوِّجَتْ قَبْلَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute