للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَوْلِيَاءُ جَمِيعُهُمْ، فَلِمَنْ لَمْ يَرْضَ الْفَسْخُ، فَلَوْ زَوَّجَ الْأَبُ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا، فَلِلْإِخْوَةِ الْفَسْخُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَالْكَفَاءَةُ: الدِّينُ وَالْمَنْصِبُ، فَلَا تُزَوَّجُ عَفِيفَةٌ بِفَاجِرٍ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَوْلَى ; وَلِأَنَّ لِلَّهِ فِيهِ نَظَرًا ; وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ إِذَا زَوَّجَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ يَكُونُ فَاسِقًا.

(وَالثَّانِيَةُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ) لِلصِّحَّةِ، بَلْ لِلِّزُومِ (وَهِيَ أَصَحُّ) اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ " و" الْفُرُوعِ "، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَهِيَ أَوْلَى ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] وَزَوَّجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَتَيْهِ مِنْ عُثْمَانَ وَأَبِي الْعَاصِي، وَلَا شَكَّ أَنَّ نَسَبَهُ فَوْقَ نَسَبِهِمَا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تَنْكِحَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ مَوْلَاهُ، وَهِيَ قُرَشِيَّةٌ» ، وَفِي الْبُخَارِيِّ: أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ تَبَنَّى سَالِمًا وَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ هِنْدَ ابْنَةَ الْوَلِيدِ، وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَتَزَوَّجَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ أُخْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَانَتْ تَحْتَ بِلَالٍ، وَمَا رُوِيَ فِيهَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اشْتِرَاطُهَا (لَكِنْ إِنْ لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ وَالْأَوْلِيَاءُ جَمِيعُهُمْ، فَلِمَنْ لَمْ يَرْضَ الْفَسْخُ) ، وَيَكُونُ النِّكَاحُ صَحِيحًا ; لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي مِنِ ابْنِ أَخِيهِ ; لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أُعَلِّمَ النِّسَاءَ أَنْ لَيْسَ لِلْآبَاءِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَيَكُونُ الْفَسْخُ فَوْرًا، وَكَذَا وَتَرَاخِيًا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ لِنَقْصٍ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَهِيَ حَقُّ الْأَوْلِيَاءِ وَالْمَرْأَةِ، وَلِلْأَبْعَدِ الْفَسْخُ مَعَ رِضَا الْأَقْرَبِ ; لِمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الْعَارِ فِي الْأَشْهَرِ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (فَلَوْ زَوَّجَ الْأَبُ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا، فَلِلْأُخْوَةِ الْفَسْخُ، نَصَّ عَلَيْهِ) ; لِأَنَّ الْأَخَ وَلِيٌّ فِي حَالٍ يَلْحَقُهُ الْعَارُ بِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ، فَمَلَكَ الْفَسْخَ كَالْوَلِيِّ الْمُسَاوِي، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْفَسْخَ يَفْتَقِرُ إِلَى حَاكِمٍ.

فَرْعٌ: الْكَفَاءَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الرَّجُلِ فَقَطْ ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا مُكَافِئَ لَهُ، وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>