للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا عَرَبِيَّةٌ بِعَجَمِيٍّ، وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ، وَسَائِرُ النَّاسِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ، وَعَنْهُ: لَا تُزَوَّجُ قُرَشِيَّةٌ لِغَيْرِ قُرَشِيٍّ، وَلَا هَاشِمِيَّةٌ لِغَيْرِ هَاشِمِيٍّ، وَعَنْهُ: أَنَّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تَزَوَّجَ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " احْتِمَالٌ: يُخَيَّرُ مُعْتَقٌ تَحْتَ أَمَةٍ، وَفِي " الْوَاضِحِ " احْتِمَالٌ: يَبْطُلُ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ إِذَا اسْتَغْنَى عَنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ بِحُرَّةٍ بَطَلَ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: قَوْلُهُمْ: لَا أَصْلَ، أَيْ: لَا حَسَبَ وَلَا فَضْلَ، أَيْ: لَا مَالَ، وَهِيَ حَقٌّ لِلَّهِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ: حَقٌّ لِلْأَوْلِيَاءِ وَالْمَرْأَةِ فَقَطْ.

(وَالْكَفَاءَةُ: الدِّينُ وَالْمَنْصِبُ) هَذَا إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِلَيْهَا مَيْلُ الْمُؤَلِّفِ، أَمَّا الدِّينُ ; فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا} [السجدة: ١٨] ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الِاسْتِوَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ; لِأَنَّ الْفَاسِقَ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ: غَيْرُ مَأْمُونٍ، مَسْلُوبُ الْوِلَايَةِ، نَاقِصٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ خَلْقِهِ، قَلِيلُ الْحَظِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَأَمَّا الْمَنْصِبُ: فَهُوَ النَّسَبُ ; لِحَدِيثِ عُمَرَ: مَا الْأَكْفَاءُ؟ قَالَ: فِي الْحَسَبِ. رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ ; وَلِأَنَّ الْعَرَبَ يَعُدُّونَ الْكَفَاءَةَ فِي النَّسَبِ، وَيَأْنَفُونَ مِنْ نِكَاحِ الْمَوَالِي، وَيَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ وَعَارٌ (فَلَا تُزَوَّجُ عَفِيفَةٌ بِفَاجِرٍ، وَلَا عَرَبِيَّةٌ بِعَجَمِيٍّ) ; لِفَقْدِ الْعِفَّةِ وَالْمَنْصِبِ (وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ أَكْفَاءٌ) عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - زَوَّجَ ابْنَتَيْهِ عُثْمَانَ وَأَبَا الْعَاصِ، وَزَوَّجَ عَلِيٌّ عُمَرَ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ، وَتَزَوَّجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَتَزَوَّجَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ أُخْتَهَا سُكَيْنَةَ، وَتَزَوَّجَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ كُلَّهُمْ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مَرْفُوعًا، قَالَ: «الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءُ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ» إِلَّا أَنَّ خَالِدًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ، (وَسَائِرُ النَّاسِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ) وَإِنْ تَفَاضَلُوا فِي الشَّرَفِ كَالْعَرَبِ (وَعَنْهُ: لَا تُزَوَّجُ قُرَشِيَّةٌ لِغَيْرِ قُرَشِيٍّ، وَلَا هَاشِمِيَّةٌ لِغَيْرِ هَاشِمِيٍّ) حَكَاهَا الْقَاضِي فِي " الْجَامِعِ الْكَبِيرِ "، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالشَّيْخَانِ ; إِذِ الْعَرَبُ فَضَلَتِ النَّاسَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُرَيْشٌ أَخَصُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ، وَبَنُو هَاشِمٍ أَخَصُّ بِهِ مِنْ قُرَيْشٍ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» وَرَدَّ الشَّيْخُ

<<  <  ج: ص:  >  >>