للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدًا، فَلَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، وَلَهَا الْفَسْخُ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ، فَإِنْ أُعْتِقَ قَبْلَ فَسْخِهَا، أَوْ أَمْكَنَتْهُ مِنْ وَطْئِهَا - بَطَلَ خِيَارُهَا، فَإِنِ ادَّعَتِ الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ - وَهُوَ مِمَّا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

» وَجَوَابُهُ أَنَّهَا كَافَأَتْ زَوْجَهَا فِي الْكَمَالِ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا خِيَارٌ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَتِ الْكِتَابِيَّةُ تَحْتَ مُسْلِمٍ، وَعَنِ الْخَبَرِ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا - رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ وَعُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ بَرِيرَةَ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا، وَقَالَتْ: لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَوْلُ الْأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ، ثُمَّ عَائِشَةُ عَمَّةُ الْقَاسِمِ وَخَالَةُ عُرْوَةَ، فَرِوَايَتُهُمَا عَنْهَا أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ أَجْنَبِيٍّ يَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ (وَإِنْ كَانَ عَبْدًا، فَلَهَا الْخِيَارُ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ) بِالْإِجْمَاعِ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَيَّرَ بَرِيرَةَ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، فَإِنِ اخْتَارَتِ الْفَسْخَ فَلَهَا فِرَاقُهُ، وَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ فَلَا ; لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا، فَإِنْ عُتِقَ بَعْضُهَا، فَلَا خِيَارَ لَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ: أَوْ مُعْتَقٌ بَعْضُهُ، وَعَنْهُ: لَيْسَ فِيهِ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهَا، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": إِذَا عُتِقَتْ تَحْتَ مُعْتَقٍ بَعْضُهُ، فَلَهَا الْفَسْخُ (وَلَهَا الْفَسْخُ) عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ تَرْضَ بِهِ (بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ) ; لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ غَيْرُ مُجْتَهَدٍ فِيهِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ فِي النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ كَالْفَسْخِ لِلْإِعْسَارِ، فَإِنِ اخْتَارَتِ الْفِرَاقَ كَانَ فَسْخًا وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ، قَالَ أَحْمَدُ: الطَّلَاقُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ ; وَلِأَنَّهَا فُرْقَةٌ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَةِ، فَكَانَتْ فَسْخًا كَمَا لَوِ اخْتَلَفَ دِينُهَما أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ يُنفْسَخُ نِكَاحُهُ بِرَضَاعِهَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَتْ: اخْتَرْتُ نَفْسِي، أَوْ فَسَخْتُ هَذَا النِّكَاحَ انْفَسَخَ، وَلَوْ قَالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي، وَنَوَتِ الْمُفَارَقَةَ - كَانَ كِنَايَةً فِي الْفَسْخِ (فَإِنْ أُعْتِقَ قَبْلَ فَسْخِهَا) بَطَلَ خِيَارُهَا ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِالرِّقِّ، وَقَدْ زَالَ بِعِتْقِهِ، فَسَقَطَ كَالْمَبِيعِ إِذَا زَالَ عَيْبُهُ (أَوْ أَمْكَنَتْهُ مِنْ وَطْئِهَا، بَطَلَ خِيَارُهَا) نَصَّ عَلَيْهِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَحَفْصَةَ - رَوَاهُ مَالِكٌ ; «وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَبَرِيرَةَ: فَإِنْ قَرَبَكِ، فَلَا خِيَارَ لَكِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَتْ بِالْخِيَارِ أَوْ لَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ إِذَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>