يَجُوزُ جَهْلُهُ - أَوِ الْجَهْلَ بِمِلْكِ الْفَسْخِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَبْطُلُ خِيَارُهَا، عَلِمَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ. وَخِيَارُ الْمُعْتَقَةِ عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا. فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً، فَلَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ وَعَقَلَتْ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا الِاخْتِيَارُ عَنْهَا، فَإِنْ طُلِّقَتْ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا، وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِنْ عُتِقَتِ الْمُعْتَدَّةُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَعْلَمْ، فَإِنْ أَصَابَهَا بَعْدَ عِلْمِهَا، فَلَا خِيَارَ لَهَا، فَعَلَيْهِ إِذَا وَطِئَهَا و (ادَّعَتِ الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ - وَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ جَهْلُهُ) مِثْلُ أَنْ يُعْتِقَهَا سَيِّدُهَا فِي بَلَدٍ آخَرَ (أَوِ الْجَهْلُ بِمِلْكِ الْفَسْخِ - فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا خَوَاصُّ النَّاسِ، فَالظَّاهِرُ صِدْقُهَا، فَلَوْ كَانَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ وَاشْتُهِرَ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا ; لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَفِي " الْفُرُوعِ " قِيلَ: يَجُوزُ جَهْلُهُ، وَقِيلَ: لَا يُخَالِفُهَا ظَاهِرٌ، فَلَا فَسْخَ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَبْطُلُ خِيَارُهَا، عَلِمَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ) ; لِقَوْلِ حَفْصَةَ لِامْرَأَةٍ عُتِقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ مَا لَمْ يَمَسَّكِ، فَلَيْسَ لَكِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ. رَوَاهُ مَالِكٌ ; وَلِأَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ، فَيَسْقُطُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ مَعَ الْجَهَالَةِ كَخِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَفِي " الْوَجِيزِ ": فَإِنِ ادَّعَتْ جَهْلًا بِعِتْقِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ، وَعَكْسُهُ الْجَهْلُ بِمِلْكِ الْفَسْخِ.
(وَخِيَارُ الْمُعْتَقَةِ عَلَى التَّرَاخِي) فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَحَفْصَةَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ لَهَا فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا ; وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ، فَثَبَتَ كَخِيَارِ الْقِصَاصِ (مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) ; لِمَا رَوَى الْحَسَنُ بْنُ أُمَيَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ رِجَالًا يَتَحَدَّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا أُعْتِقَتِ الْمَرْأَةُ فَهِيَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَطَأْهَا، فَإِنْ وَطِئَهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا.
فَرْعٌ: أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّزْوِيجِ بِأَمَةٍ فَتَزَوَّجَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَبْدَ، فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا فِي الْمَشْهُورِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفْسَخَ نِكَاحُهُمَا بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ إِذَا اسْتَغْنَى عَنْ نِكَاحِ أَمَةٍ بِحُرَّةٍ (فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً فَلَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ) سِنًّا يُعْتَبَرُ قَوْلُهَا فِيهِ (وَعَقَلَتْ) وَلَا خِيَارَ لَهُمَا فِي الْحَالِ ; لِأَنَّهُ لَا عَقْلَ لَهُمَا وَلَا قَوْلَ مُعْتَبَرٌ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: إِذَا بَلَغَتْ سَبْعَ سِنِينَ (وَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا الِاخْتِيَارُ عَنْهَا) ; لِأَنَّ هَذَا طَرِيقة الشَّهْوَةُ، فَلَمْ يَمْلِكْهُ الْوَلِيُّ كَالْقِصَاصِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute