للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ، وَرَدِّ عَبْدِهَا مِنْ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، وَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً كَرَدِّ عَبْدِهَا أَيْنَ كَانَ، وَخِدْمَتِهَا فِيمَا شَاءَتْ - لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنَافِعِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ، وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ أَبْوَابٍ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مَعْلُومَةً) ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: ٢٧] ; وَلِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مَعْلُومَةٌ يَجُوزُ الْعِوَضُ عَنْهَا فِي الْإِجَارَةِ، فَجَازَتْ صَدَاقًا كَمَنْفَعَةِ الْعَبْدِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ كَالْمَمْلُوكِ ; لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَنْكِحُوا الْأَيَامَى، وَأَدُّوا الْعَلَائِقَ، قِيلَ: مَا الْعَلَائِقُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ قَالَ: مَا تَرَاضَى بِهِ الْأَهْلُونَ وَلَوْ قَضِيبٌ مِنْ أَرَاكٍ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنَافِعُ الْحُرِّ صَدَاقًا ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ (وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَرَدِّ عَبْدِهَا مِنْ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ) ; لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مَعْلُومَةٌ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْمَبِيعِ كَالْمُحَرَّمِ، وَالْمَعْدُومِ، وَالْمَجْهُولِ، وَمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ مَا لَمْ يَتِمَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ، كَالْمَبِيعِ مِنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ، وَمَا لَا يُتَمَوَّلُ عَادَةً كَقِشْرِ جَوْزَةٍ، وَحَبَّةِ حِنْطَةٍ - لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا ; لِأَنَّهُ نَقَلَ الْمِلْكَ فِيهِ بِعِوَضٍ، فَلَمْ يَجُزْ فِيهِ ذَلِكَ كَالْبَيْعِ (وَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً كَرَدِّ عَبْدِهَا أَيْنَ كَانَ وَخِدْمَتِهَا فِيمَا شَاءَتْ لَمْ يَصِحَّ) ; لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فَلَمْ يَصِحَّ مَجْهُولًا، كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ، فَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهَا لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ ; لِأَنَّ الْحُمْلَانَ مَجْهُولٌ لَا يُوقَفُ لَهُ عَلَى حُدُودٍ.

(وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنَافِعِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا كَرَقَبَتِهِ، وَمَنْفَعَةِ الْبُضْعِ، وَالثَّانِيَةُ - وَهِيَ الْأَصَحُّ -: أَنَّهُ يَصِحُّ بِدَلِيلِ قِصَّةِ مُوسَى، وَقِيَاسًا عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَبْدِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ كَانَتْ خِدْمَةً مَعْلُومَةً كَبِنَاءِ حَائِطٍ صَحَّ، وَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً، مِثْلَ أَنْ يَأْتِيَهَا بِعَبْدِهَا الْآبِقِ أَيْنَ كَانَ، وَيَخْدِمَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ أَرَادَتْ، فَلَا يَصِحُّ، وَلَا يَضُرُّ جَهْلٌ يَسِيرٌ، وَغَرَرٌ يُرْجَى زَوَالُهُ فِي الْأَصَحِّ، فَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى شِرَائِهِ لَهَا عَبْدَ زَيْدٍ، صَحَّ فِي الْمَنْصُوصِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ شِرَاؤُهُ بِقِيمَتِهِ، فَلَهَا قِيمَتُهُ، وَكَذَا عَلَى دَيْنٍ سَلَمٍ، وَآبِقٍ، وَمَغْصُوبٍ يُحَصِّلُهُ، وَمَبِيعٍ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ (وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ) كَالْخَمْرِ، وَالْمَعْدُومِ، وَالْآبِقِ، وَالْمَجْهُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>