مِنَ الْفِقْهِ، أَوِ الْحَدِيثِ، أَوْ قَصِيدَةٍ مِنَ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ، صَحَّ، فَإِنْ كَانَ لَا يَحْفَظُهَا، لَمْ يَصِحَّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ، وَيَتَعَلَّمُهَا ثُمَّ يُعَلِّمُهَا، فَإِنْ تَعَلَّمَتْهَا مِنْ غَيْرِهِ، لَزِمَهُ أُجْرَةُ تَعَلُّمِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ تَعْلِيمِهَا، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأُجْرَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) ; لِأَنَّ فَسَادَ الْعِوَضِ يَقْتَضِي رَدَّ الْمُعَوَّضِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ، فَوَجَبَ قِيمَتُهُ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ، كَمَنِ اشْتَرَى بِثَمَنٍ فَاسِدٍ، فَقَبَضَ الْمَبِيعَ، وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ قِيمَتِهِ، وَعَنْهُ: يَفْسُدُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ; لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ أَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّ فَسَادَ الْمُسَمَّى لَيْسَ بِأَكْثَرَ مِنْ عَدَمِهِ، وَعَدَمُهُ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ، كَذَا هَذَا، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ ; لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ إِلَّا بِبَدَلٍ، وَلَمْ يُسَلَّمِ الْبَدَلُ، وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْعِوَضِ فَوَجَبَ رَدُّ بَدَلِهِ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ سِلْعَةً بِخَمْرٍ، فَتَلِفَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ أَبْوَابٍ مِنَ الْفِقْهِ، أَوِ الْحَدِيثِ، أَوْ قَصِيدَةٍ مِنَ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ) أَوْ أَدَبٍ، أَوْ صَنْعَةٍ، أَوْ كِتَابَةٍ، وَهُوَ مُعَيَّنٌ (صَحَّ) ; لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِهِ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا، كَمَنَافِعِ الدَّارِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ لَا يَحْفَظُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَتَعَلَّمُهَا ثُمَّ يُعَلِّمُهَا (فَإِنْ كَانَ لَا يَحْفَظُهَا لَمْ يَصِحَّ) عَلَى الْمَذْهَبِ، كَذَا قِيلَ، وَاخْتَارَهُ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ أَصْدَقَهَا شَيْئًا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَ عَلَى الْخِيَاطَةِ مَنْ لَا يُحْسِنُهَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنْ أُعَلِّمَكِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ) ذَكَرَهُ فِي " الْمُجَرَّدِ " ; لِأَنَّ هَذَا يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا مَالًا فِي ذِمَّتِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ، وَعَلَى هَذَا (يَتَعَلَّمُهَا ثُمَّ يُعَلِّمُهَا) أَوْ يُقِيمُ لَهَا مَنْ يُعَلِّمُهَا، لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، فَإِنْ جَاءَتْ بِغَيْرِهَا فَقَالَتْ: عَلِّمْهَا الْقَصِيدَةَ الَّتِي تُرِيدُ تَعْلِيمِي إِيَّاهَا، أَوْ أَتَاهَا بِغَيْرِهِ يُعَلِّمُهَا، لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ فِي الْأَشْهَرِ ; لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي عَيْنٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إِيقَاعُهُ فِي غَيْرِهَا ; وَلِأَنَّ الْمُعَلِّمِينَ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّعْلِيمِ (فَإِنْ تَعَلَّمَتْهَا مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ تَعَلُّمِهَا) ; لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْوَفَاءُ بِالْوَاجِبِ وَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى بَدَلِهِ، وَكَذَا إِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَعْلِيمُهَا، كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا خِيَاطَةَ ثَوْبٍ فَتَعَذَّرَ، فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ عَلَّمَهَا وَأَنْكَرَتْهُ، قُبِلَ قَوْلُهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ، وَإِنْ عَلَّمَهَا ثُمَّ أُنْسِيَتْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَقَّنَهَا الْجَمِيعَ وَكُلَّمَا لَقَّنَهَا شَيْئًا أُنْسِيَتْهُ - لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ فِي الْأَشْهَرِ (وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ تَعْلِيمِهَا، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْأُجْرَةِ) ; لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً، فَلَا يُؤْمَنُ فِي تَعْلِيمِهَا مِنَ الْفِتْنَةِ، وَبَعْدَ الدُّخُولِ كُلُّهَا (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعَلِّمَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute