يُعَلِّمَهَا نِصْفَهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَعْلِيمِهَا، رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْأَجْرِ، وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ مُعَيَّنٍ، لَمْ يَصِحَّ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِ قِرَاءَةٍ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ.
وَإِنْ تَزَوَّجَ نِسَاءً بِمَهْرٍ وَاحِدٍ، أَوْ خَالَعَهُنَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نِصْفَهَا) هَذَا رِوَايَةٌ ; لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، أَشْبَهَ سَمَاعَ كَلَامِهَا فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَعَلَى هَذَا يُعَلِّمُهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ بِهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَفِي تَعْلِيمِهَا الْكُلَّ الْوَجْهَانِ (وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَعْلِيمِهَا، رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْأَجْرِ) ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ يُوجِبُ نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَالرُّجُوعُ بِنِصْفِ التَّعْلِيمِ مُتَعَذِّرٌ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى بَدَلِهِ - وَهُوَ نِصْفٌ - وَإِنْ سَقَطَ مَهْرُهَا رَجَعَ بِالْكُلِّ (وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ مُعَيَّنٍ، لَمْ يَصِحَّ) عَلَى الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ ; لِأَنَّ الْفُرُوجَ لَا تُسْتَبَاحُ إِلَّا بِالْمَالِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى أَنْ {تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢٤] {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا} [النساء: ٢٥] وَالطَّوْلُ: الْمَالُ ; لِأَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ قُرْبَةٌ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا كَالصَّوْمِ (وَعَنْهُ: يَصِحُّ) ذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّهَا الْأَظْهَرُ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " ; لِحَدِيثِ الْمَوْهُوبَةِ ; وَلِأَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ، فَجَازَ جَعْلُ ذَلِكَ صَدَاقًا كَتَعْلِيمِ قَصِيدَةٍ مِنَ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ، وَقِيلَ: إِنْ جَازَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَحَدِيثُ الْمَوْهُوبَةِ قِيلَ: مَعْنَاهُ: زَوَّجْتُكَهَا ; لِأَنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ، كَمَا زَوَّجَ طَلْحَةَ عَلَى إِسْلَامِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِهِ، يُؤَيِّدُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ غُلَامًا عَلَى سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ قَالَ: لَا يَكُونُ بَعْدَكَ مَهْرًا» رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالنَّجَّادُ، فَعَلَى هَذَا تُعَيَّنُ السُّورَةُ أَوِ الْآيَةُ ; لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُعَيَّنْ يَصِيرُ مَجْهُولًا مُفْضِيًا إِلَى الْمُنَازَعَةِ (وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِ قِرَاءَةٍ) مِنَ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَةِ ; لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ يَسِيرٌ (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ) ; لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ، وَالْقِرَاءَاتِ تَخْتَلِفُ، فَمِنْهَا مَا هُوَ صَعْبٌ، كَقِرَاءَةِ حَمْزَةَ وَهِشَامٍ، وَوُقُوفُهُمَا عَلَى الْمَدِّ، أَشْبَهَ تَعْيِينَ الْآيَاتِ، فَإِنْ أَطْلَقَ فَعَرَّفَ الْبَلَدَ، فَإِنْ تَعَلَّمَتْهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ، وَإِنَّ عَلَّمَهَا ثُمَّ سَقَطَ، رَجَعَ بِالْأُجْرَةِ، وَمَعَ تَنَصُّفِهِ بِنِصْفِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا وَلَمْ يُعَلِّمْهَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ مَا يَلْزَمُهُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْفُصُولِ "، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ سَمَاعُهُ بِلَا حَاجَةٍ، وَعَنْهُ: يُعَلِّمُهَا مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute