قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ إِلَّا الْمُتْعَةُ عَلَى الْمُوسِعِ قَدْرُهُ، وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ، فَأَعْلَاهَا خَادِمٌ، وَأَدْنَاهَا كُسْوَةٌ تُجْزِئُهَا فِي صَلَاتِهَا، وَعَنْهُ: يَرْجِعُ فِي تَقْدِيرِهَا إِلَى الْحَاكِمِ، وَعَنْهُ: يَجِبُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا اسْتَقَرَّ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَهَلْ تَجِبُ الْمُتْعَةُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، أَصَحُّهُمَا: لَا تَجِبُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ إِلَّا الْمُتْعَةُ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَنُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: ٤٩] إِلَى قَوْلِهِ: {فَمَتِّعُوهُنَّ} [الأحزاب: ٤٩] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} [البقرة: ٢٤١] وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ؛ وَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ فِي نِكَاحٍ يَقْتَضِي عِوَضًا، فَلَمْ يُعَرَّ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ كَمَا لَوْ سَمَّى مَهْرًا {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: ٢٣٦] أَيِ الْمُتْعَةُ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِ الزَّوْجِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٦] وَقِيلَ: بِحَالِهَا، وَقِيلَ بِحَالِهِمَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَأَعْلَاهَا خَادِمٌ، وَأَدْنَاهَا كُسْوَةٌ تُجْزِئُهَا فِي صَلَاتِهَا) ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَعَلَى الْمُتْعَةِ خَادِمٌ، ثُمَّ دُونَ ذَلِكَ النَّفَقَةُ، ثُمَّ دُونَ ذَلِكَ الْكُسْوَةُ، وَقُيِّدَتْ بِمَا يُجْزِئُهَا فِي صَلَاتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلَّ الْكُسْوَةِ (وَعَنْهُ: يَرْجِعُ فِي تَقْدِيرِهَا إِلَى الْحَاكِمِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِهِ (وَعَنْهُ: يَجِبُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْهُ، فَيَجِبُ أَنْ يَتَقَدَّرَ بِهِ، وَعَنْهُ: يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ، يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَوَجَبَ نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ كَالَّتِي سَمَّى لَهَا، وَكَمَا لَوْ سَمَّى لَهَا مُحْرِمًا.
(فَإِنْ دَخَلَ بِهَا اسْتَقَرَّ مَهْرُ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ يُوجِبُ اسْتِقْرَارَ الْمُسَمَّى، فَكَذَا مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَهْرِ فِي الْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلِاسْتِقْرَارِ (فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَهَلْ تَجِبُ الْمُتْعَةُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، أَصَحُّهُمَا: لَا تَجِبُ) وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ وَجَبَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ لَمْ يَجِبْ لَهَا مُتْعَةٌ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّنْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا أَوْ لَا؛ وَلِأَنَّهُ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، فَلَمْ يَجِبْ لَهَا الْمُتْعَةُ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَدَلِ مَعَ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالثَّانِيَةُ: لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ، رَوَي عَنْ عَلِيٍّ، وَالْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِمْ - لِلْآيَةِ، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute