للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَازَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْإِصَابَةِ، وَرِثَهُ صَاحِبُهُ، وَلَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا، وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَتَنَصَّفُ بِالْمَوْتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ فَرَضَهُ لَهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ رَضِيَتْهُ وَفِيهِ وَجْهٌ بِالصِّحَّةِ، فَإِنْ سَلَّمَ إِلَيْهَا مَا فَرَضَ لَهَا فَرَضِيَتْهُ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ فَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ فَطُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ نَصِفُهُ إِلَى الزَّوْجِ و (لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِمِقْدَارِهِ) ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَيْلٌ عَلَيْهِ، وَالنُّقْصَانُ مَيْلٌ عَلَيْهَا، وَالْعَدْلُ الْمِثْلُ؛ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يُفْرَضُ بَدَلَ الْبُضْعِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَقَدَّرَ بِهِ كَالسِّلْعَةِ، إِذَا تَلَفَتْ، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهَا فَرْضُهُ بِحُكْمِهِ، فَدَلَّ أَنَّ ثُبُوتَ سَبَبِ الْمُطَالَبَةِ كَتَقْدِيرِهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَالنَّفَقَةَ وَنَحْوَهُ، حُكْمٌ، فَلَا يُغَيِّرُ حَاكِمٌ آخَرُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرِ السَّبَبُ، كَيُسْرِهِ فِي النَّفَقَةِ، أَوْ عُسْرِهِ.

(وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى فَرْضِهِ جَازَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ) سَوَاءٌ كَانَا عَالِمَيْنِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا؛ لِأَنَّهُ إِذَا فَرَضَ لَهَا كَثِيرًا فَقَدْ بَذَلَ لَهَا مِنْ مَالِهِ فَوْقَ مَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ رَضِيَتْ بِالْيَسِيرِ فَقَدْ رَضِيَتْ بِدُونِ مَا يَجِبُ لَهَا، وَيَصِيرُ مَا فَرَضَاهُ كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ فِي أَنَّهُ يَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ، وَلَا تَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ.

تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ الدُّخُولُ بِالْمَرْأَةِ قَبْلَ إِعْطَائِهَا شَيْئًا؛ لِلْخَبَرِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ: لَا يَدْخُلُ بِهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا؛ لِلْخَبَرِ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَيَجِبُ الْمُسَمَّى بِوَطْءٍ أَوْ خَلْوَةِ مَنْ يَطَأُ مِثْلَهُ بِمَنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا بِدُونِ مَانِعٍ عُرْفًا، وَفِي الْمَانِعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا رِوَايَتَانِ.

(وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْإِصَابَةِ) وَقَبْلَ الْفَرْضِ (وِرْثَهُ صَاحِبُهُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الزَّوْجِيَّةِ صَحِيحٌ ثَابِتٌ، فَيُورَثُ بِهِ؛ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ النَّصِّ (وَلَهَا مَهْرُ نِسَائِهَا) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِحَدِيثِ؛ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ يَكْمُلُ بِهِ الْمُسَمَّى، فَكَمُلَ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ كَالدُّخُولِ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَتَنَصَّفُ بِالْمَوْتِ) ؛ لِأَنَّ الْمَفْرُوضَ لَهَا يُخَالِفُ الَّتِي لَمْ يُفْرَضْ لَهَا فِي الطَّلَاقِ، فَجَازَ أَنْ يُخَالِفَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ؛ وَلِأَنَّهَا فُرْقَةٌ وَرَدَتْ عَلَى تَفْوِيضٍ صَحِيحٍ قَبْلَ فَرْضٍ وَمَسِيسٍ، فَلَمْ يَجِبْ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ كَفُرْقَةِ الطَّلَاقِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ فَرَضَهُ لَهَا) الْحَاكِمُ، فَإِنَّهُ لَا يَتَنَصَّفُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ يَجْعَلُهُ كَالْمُسَمَّى، وَلَوْ سَمَّى ثُمَّ مَاتَ لَوَجَبَ كُلُّهُ، فَكَذَا إِذَا فَرَضَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>