للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى وِسَادَةٍ، فَلَا بَأْسَ بِهَا، وَإِنْ سُتِرَتِ الْحِيطَانُ بِسُتُورٍ لَا صُوَرَ فِيهَا أَوْ فِيهَا صُوَرُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ، فَهَلْ يُبَاحُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَلَا يُبَاحُ الْأَكْلُ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَالدُّعَاءُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

رَأْسِهَا، فَعَلَ ذَلِكَ وَجَلَسَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ، انْصَرَفَ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهَذَا أَعْدَلُ الْمَذَاهِبِ؛ «لِأَنَّ عَائِشَةَ نَصَبَتْ سِتْرًا فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَعَهُ، قَالَتْ: فَقَطَعْتُهُ وِسَادَتَيْنِ يَرْتَفِقُ عَلَيْهِمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا دُخُولُ مَنْزِلٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ فَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ تَرْكُ الدَّعْوَةِ مِنْ أَجْلِهِ عُقُوبَةً لِلدَّاعِي بِإِسْقَاطِ حُرْمَتِهِ لِاتِّخَاذِهِ الْمُنْكَرَ فِي دَارِهِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ رَآهُ فِي مَنْزِلِ الدَّاعِي الْخُرُوجُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَفِيهِ وَجْهٌ.

فَائِدَةٌ: إِذَا قُطِعَ رَأْسُ الصُّورَةِ، أَوْ مَا لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ بَعْدَ ذَهَابِهِ أَوْ جُعِلَ لَهُ رَأْسٌ مُنْفَصِلٌ عَنِ الْبَدَنِ، لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ النَّهْيِ وَإِنْ كَانَ الذَّاهِبُ تَبْقَى الْحَيَاةُ بَعْدَهُ كَالْيَدِ وَالْعَيْنِ، فَهُوَ صُورَةٌ وَصَنْعَةُ التَّصَاوِيرِ مُحَرَّمَةٌ عَلَى فَاعِلِهَا؛ لِلْإخْبَارِ، وَالْأَمْرُ بِعَمَلِهَا مُحَرَّمٌ كَعَمَلِهَا.

(فَإِنْ كَانَتْ مَبْسُوطَةً أَوْ عَلَى وِسَادَةٍ، فَلَا بَأْسَ بِهَا) ؛ لِأَنَّ فِيهِ إِهَانَةً لَهَا؛ وَلِأَنَّ تَحْرِيمَ تَعْلِيقِهَا إِنَّمَا كَانَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعْظِيمِ وَالْإِغْرَارِ وَالتَّشَبُّهِ بِالْأَصْنَامِ الَّتِي تُعْبَدُ، وَذَلِكَ مَفْقُودٌ فِي الْبُسُطِ؛ لِقَوْلِ عَائِشَةَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَّكِئًا عَلَى نُمْرُقَةٍ فِيهَا تَصَاوِيرُ» رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ إِهَانَةً كَالْبُسُطِ (وَإِنْ سُتِرَتِ الْحِيطَانُ بِسُتُورٍ) غَيْرِ حَرِيرٍ (لَا صُوَرَ فِيهَا أَوْ فِيهَا صُوَرُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ، فَهَلْ يُبَاحُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا يُكْرَهُ، وَهُوَ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْإِجَابَةِ إِلَى الدَّعْوَةِ، قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ خَرَجَ أَبُو أَيُّوبَ حِينَ دَعَاهُ ابْنُ عُمَرَ فَرَأَى الْبَيْتَ قَدْ سُتِّرَ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَابْنُ عُمَرَ أَقَرَّ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ أَحْمَدُ: دُعِيَ حُذَيْفَةُ، فَخَرَجَ، وَإِنَّمَا رَأَى شَيْئًا مِنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ وَكَرَاهَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنَ السَّرَفِ فِي ذَلِكَ لَا يَبْلُغُ بِهِ التَّحْرِيمَ، وَالْأُخْرَى: يَحْرُمُ، لِمَا رَوَى الْخَلَّالُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُسْتُرَ الْجُدُرُ» وَكَمَا لَوْ كَانَتِ السُّتُرُ حَرِيرًا، وَاخْتَارَ فِي " الْمُغْنِي " الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ في تحريمه حَدِيثٌ، وَلَوْ ثَبَتَ حُمِلَ عَلَى الْكَرَاهَةِ، فَإِنْ كَانَ ضَرُورَةً مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>