إِلَى الْوَلِيمَةِ إِذْنٌ فِيهَا، وَالنُّثَارُ وَالْتِقَاطُهُ مَكْرُوهٌ، وَعَنْهُ: لَا يُكْرَهُ وَمَنْ حَصَلَ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِحَاجَةٍ، أَشْبَهَ السُّتُرَ عَلَى الْبَابِ، وَفِي جَوَازِ خُرُوجِهِ لِأَجْلِهِ وَجْهَانِ، فَلَوْ كَانَ فِيهَا آنِيَةٌ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ، فَهُوَ مُنْكَرٌ يَخْرُجُ مِنْ أَجْلِهِ، وَكَذَا مَا كَانَ مِنِ الْفِضَّةِ مُسْتَعْمَلًا كَالْمُكْحُلَةِ.
(وَلَا يُبَاحُ الْأَكْلُ بِغَيْرِ إِذْنٍ) صَرِيحٍ أَوْ قَرِينَةٍ، كَدُعَائِهِ إِلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَكْلَ مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ مُحَرَّمٌ، كَلُبْسِ ثَوْبِهِ وَرُكُوبِ دَابَّتِهِ (وَالدُّعَاءُ إِلَى الْوَلِيمَةِ إِذْنٌ فِيهَا) جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «رَسُولُ الرَّجُلِ إِلَى الرَّجُلِ إِذْنُهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِذَا دُعِيتَ فَقَدْ أُذِنَ لَكَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ بَيْتِ قَرِيبِهِ وَصَدِيقِهِ، وَلَمْ يُجَوِّزْهُ عَنْهُ، نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَفِي " الْفُرُوعِ ": لَيْسَ الدُّعَاءُ إِذْنًا لِلدُّخُولِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَجَزَمَ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ " وَابْنُ عَقِيلٍ، فِيمَنْ كَتَبَ مِنْ مَحْبَرَةِ غَيْرِهِ يَجُوزُ فِي حَقِّ مَنْ تَنْبَسِطُ إِلَيْهِ، وَيَأْذَنُ لَهُ عُرْفًا.
(وَالنُّثَارُ وَالْتِقَاطُهُ مَكْرُوهٌ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «نَهَى عَنِ النُّهْبَة وَالْمُثْلَةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ تَزَاحُمًا وَقِتَالًا، وَقَدْ يَأْخُذُهُ مَنْ غَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَى صَاحِبِهِ، وَرُبَّمَا دَلَّ عَلَى دَنَاءَةِ نَفْسِ الْمُنْتَهِبِ، لَا يُقَالُ: ظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ بِالْإِجْمَاعِ أَنَّهُ لِلْإِبَاحَةِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَلِأَنَّهُ نَوْعُ إِبَاحَةٍ لِمَالٍ، فَلَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا كَسَائِرِ الْإِبَاحَاتِ (وَعَنْهُ: لَا يُكْرَهُ) اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَهُ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ؛ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُرْطٍ قَالَ: «قُرِّبَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسُ بَدَنَاتٍ أَوْ سِتٌّ، فَقَالَ: مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ: هَذَا جَارٍ مَجْرَى النُّثَارِ، وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُعِيَ إِلَى وَلِيمَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَجَعَلَ يُزَاحِمُ النَّاسَ عَلَى النُّهْبَةِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَمَا نَهَيْتَنَا عَنِ النُّهْبَةِ؟ قَالَ: إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ نُهْبَةِ الْعَسَاكِرِ، وَلَمْ أَنْهَكُمْ عَنْ نُهْبَةِ الْوَلَائِمِ» رَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ؛ وَلِأَنَّهُ نَوْعُ إِبَاحَةٍ، أَشْبَهَ إِبَاحَةَ الطَّعَامِ لِلضِّيفَانِ، وَعَنْهُ: لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute